ويذكر أنّها بنيت على قبره مرارا فتهدّمت بقدرة الله تعالى وقبره عند أهل بغداد معظّم واكثرهم على مذهبه وبالقرب منه قبر ابي بكر الشّبليّ (٢١٢) من ائمة المتصوّفة رحمهالله ، وقبر سرّي السقطيّ (٢١٣) وقبر بشر الحافي (٢١٤) ، وقبر داود الطائي (٢١٥) ، وقبر أبي القاسم الجنيد رضياللهعنهم أجمعين.
واهل بغداد لهم يوم في كل جمعة لزيارة شيخ من هؤلاء المشايخ (٢١٦) ، ويوم لشيخ آخر يليه هكذا إلى آخر الأسبوع ، وببغداد كثير من قبور الصالحين والعلماء رضي الله تعالى عنهم ، (٢١٧) وهذه الجهة الشرقيّة من بغداد ليس بها فواكه وانّما تجلب اليها من الجهة الغربيّة لان فيها البساتين والحدائق ، ووافق وصولي إلى بغداد كون ملك العراق بها فلنذكره هاهنا.
ذكر سلطان العراقين وخراسان
وهو السلطان الجليل أبو سعيد بهادرخان ، وخان عندهم : الملك وبهادر بفتح الباء الموحدة وضم الدال المهمل وآخره راء ابن السلطان الجليل محمد خذابنده (٢١٨) وهو الذي
__________________
(٢١٢) الشلبي هو دلف بن جحدر ، ناسك متصوف من تلامذة أبي حنيفة ولي الحجابة للموفق العباسي ... ثم ترك الولاية وعكف على العبادة ، أصله من خراسان ، ومولده سرّ من رأى (سامراء) ، وقد أدركه أجله ببغداد عام ٣٣٤ ٩٤٦.
(٢١٣) سرّى بن مغلس السّقطي أبو الحسن من كبار الصوفية ، كان إمام البغداديين في وقته ، وهو خال الجنيد وأستاذه ، قال الجنيد : ما رأيت أعبد من السّرى ، أتت عليه ثمان وتسعون سنة ما رؤى مضطجعا إلا في علة الموت ... توفي سنة ٢٥٣ ٨٦٧ ، قبره يوجد على الشط الغربي ـ وقد سبق ذكر ترجمة الجنيد في التعليق ١٠٥ عندما ذكره ابن بطوطة في إصفهان.
(٢١٤) بشر بن الحارث بن علي المروزي ، أبو نصر المعروف بالحافي له في الزهد والورع أخبار ، من ثقات رجال الحديث ... أدركه أجله عام ٢٢٧ ٨٤١ وقد نقل قبره إلى الساحل الشرقي.
(٢١٥) هو أبو سليمان داود بن نصير الطائي من أئمة المتصوفين كان في أيام المهدي العباسي ، أصله من خراسان ومولده بالكوفة ، رحل إلى بغداد وأخذ عن أبي حنيفة وغيره ، وعاد إلى الكوفة فاعتزل الناس ، قال أحد معاصريه : لو كان داود في الامم الماضية لقصّ الله تعالى شيئا من خبره! أدركه أجله ـ قيل ـ بالكوفة سنة ١٦٥ ٧٨١ ، وقد ذكر أن قبره يوجد على الساحل الغربي.
(٢١٦) من الملاحظ أن ابن بطوطة لم يتحدث عن مزارة الشيخ عبد القادر الكيلاني (ت ٥٦١ ١٢٥٣) ومع أنه يتمتع بذكر جيد عند المغاربة بالخصوص ، وقد علل هذا الاهمال من طرف المعلقين بأن الضريح ربما كان أنذاك خرابا بفعل مداهمة التتر لرباطه المعروف ببرج العجمي. ـ د. التازي : خطاب الترحيب بالسيد أبو بكر القادري عضوا في أكاديمية المملكة ـ مطبوعات الاكاديمية ١٤٠٠ ـ ١٤٠٦ ه ١٩٨٠ ـ ١٩٨٦ ، ص ٩٤.
(٢١٧) تظلّ بغداد شامخة في ذاكرة التاريخ بما عرفته من رجال تهافت الناس على أخذ الزاد منهم. وتكفي الإشارة إلى مقولة أبي القاسم الدينوري جوابا لأبي علي السّنجي وقد سأله عمّا يميّز أبا حامد الإسفرايني عنه مع أنهما معا عالمان جمعا بين رياسة الدّين والدنيا؟ فكانت المقولة : «ذاك رفعته بغداد وحطّتني الدينور»!!
(٢١٨) اسمه التتري أو لجايتو (Oljaitu) ولد عام ٦٨١ ١٢٨٢ وتملك من عام ٧٠٣ ١٣٠٤ إلى عام ٧١٦ ١٣١٦ ، وحسب تاريخ حافظ أبرو ، فإن اسمه تغير إلى تيمور ثم تغير إلى خدابنده حسب العادة المغولية التي تغير أسماء الصغار لحفظهم من العين! لم يكن الايلخاني الاول الذي اعتنق الاسلام فقد كان أخوه السابق غازان ٦٩٤ ٧٠٤ (١٢٩٥ ١٣٠٤) وعمه تكودار خان ٦٨١ ـ ٦٨٣ ١٢٨٢ ـ ١٢٨٤ كانا معا مسلمين على ما ذكرنا آنفا حول أبي سعيد انظر ج I ص ٣٢٥ وحول والده خذابنده انظرI ، ١٧٠.