أعمار متقاربة.
لقد ابتكر نظام الطبقات في الأصل ليخدم إسناد الحديث فيعرف ما فيه من إرسال أو انقطاع أو عضل أو تدليس أو نحو ذلك مما يؤدي إلى معرفة اتصال السّند من عدمه. ويؤكد الأستاذ فرانتس روزنتال أن تقسيم الطبقات هو أقدم تقسيم زمني وجد في التفكير الإسلامي (١). ومن أشهر كتب طبقات المحدثين كتاب «الطبقات» لمحمد بن سعد البغدادي «ت ٢٣٠ ه» ، وكتاب «الطبقات» لخليفة ابن خياط المعروف بشباب العصفري «ت ٢٤٠ ه» وكلاهما مطبوعان مشهوران.
وعلى الرغم من وجود عيوب رئيسة في هذا التنظيم من أبرزها عدم اتباع الآخذين به تقسيما واحدا أو مفهوما واحدا للطبقة حيث يتباين عدد الطبقات لمدة زمنية محدودة بين مصنّف وآخر ، كما أنه يختلف عند المؤلف الواحد بين كتاب وآخر بحسب مفهومه للطبقة ومراده منها ، فلا ينفع البتة أن تقول أنّ فلانا من الطبقة الرابعة أو السادسة ، لأنه قد يكون عند مؤلف آخر من الطبقة الخامسة أو الثامنة ، أو هو متباين تباينا كاملا عند مؤلف بعينه.
لقد تأثر الحافظ الذهبيّ بطريقة المحدثين فرتّب كثيرا من كتبه على الطبقات ، واختلف المفهوم عنده من كتاب لآخر ، فقد رتب كتابه «تذكرة الحفاظ» الذي تناول فيه كبار حفّاظ الحديث من الصحابة حتى عصره على إحدى وعشرين طبقة استنادا إلى اللّقيا بين المشايخ ولم يدخل سني الوفيات باعتباره ، حيث نجدها متداخلة بين طبقة وأخرى ، وقد علّل ذلك بقوله أنّه لا بد في كل طبقة من مجاذبة الطبقتين ، وإلا فلو بولغ في تقسيم الطبقات لجاءت كل طبقة ثلاث طبقات وأكثر (٢). أما كتابه «معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار» فقد جعله سبع عشرة طبقة حسب اللقيا في القراءة مع أنّه تناول المدة الزمنية
__________________
(١) روزنتال : علم التاريخ عند المسلمين ١٣٣.
(٢) تذكرة الحفاظ ١ / ٢٥٠.