إليهم ، والمقابلة لهم بما يقتضيه الرأي ، فلما وقفوا على ما ذكره ، خافوا وخرجوا إلى أخيه علي ، ولقوه وأعلموه أنهم على الطاعة والإنكار لما أجرى إليه (٣٣ ظ) الجهالة ، فركب علي وحارب أهل دمشق وزحف إلى باب الحديد والنفاطون معه ، فانهزموا منه ، وملك البلد ، وطرح النار في الموضع المعروف بحجر الذهب ، وهو أجلّ موضع في البلد ، وقتل خلقا من رجاله ، وعاد بعد ذلك إلى معسكره ، ووافى من غد أخاه سلمان في عسكره ، فأنكر عليه احراق ما أحرق ، وبلوغه في الإفساد ما بلغ ، وتلقاه الأشراف والشيوخ والناس ، وشكوا إليه ما لحقهم وتلف من دورهم وأملاكهم وأموالهم ، فأمنهم ، وكف المغاربة عنهم ، وأظهر اعتقاده الجميل فيهم ، وكتب المناشير بالصفح عن الجناة وإيمان الكبير والصغير منهم ، ورفع الكلف والمؤن عنهم ، وإفاضة العدل والانصاف فيهم ، وقرئت في المسجد الجامع على رؤوس الأشهاد ، فسكنت إلى ذلك النفوس ، واطمأنت به القلوب ، ورجعوا إلى ما كانوا عليه ، واختلط المغاربة بهم وركب القائد سلمان إلى الجامع في يوم الجمعة بالطيلسان على البغل السندي ، وخرق في البلد بالسكينة والوقار وبين يديه القراء ، وقوم يفرقون قراطيس دراهم الصدقات على أهل المسكنة والحاجة ، وكان لهذا القائد سلمان نفس واسعة وصدر رحب ، وقدم في الخير متقدمة ، ورغبة في الفعل الجميل مشهورة ، ومقاصد في الصلاح مشكورة بعد الحسن بن عمار ، ولما صلى عاد إلى القصر الذي بني بظاهر البلد ، ونزل فيه وقد استمال قلوب الرعية والعامة بما فعله وأظهره من حسن النظر في الظلامات المرفوعة إليه وإطلاق جماعة كانت في الحبوس من أرباب الجرائم المتقدمة والجنايات السالفة ، واستقام له الأمر واستقرت على الصلاح الحال ، وصلحت أحوال البلد وأهله بما نشر فيه من العدل وحكم به من الإنصاف وأحسنه من النظر في أمور السواحل بصرف من صرفه من ولاتها الجائرين ، واستبدل بهم من شيوخ كتامة وقوادها ، ورد