والحشمة من المخلوقين ، وإبطالهم رسوم السياسة وإضاعة حقوق الخدمة ، وأنهم قد حصروا الحاكم في قصره وحالوا بينه وبين تدبير أمره ، ويدعوه إلى مقابلة نعمة مولاه العزيز عنده بحفظ ولده ، والوصول إلى مصر وقمع هذه الطائفة الباغية ، وقال : إن الديلم والأتراك والعبيد الذين على الباب يساعدونه على ما يحاول فيهم ، ويكونون معه أعوانا عليهم ، فامتثل منجوتكين ما في الكتاب عند وقوفه عليه ، وسارع إليه ، وركب إلى المسجد الجامع في السواد ، وجمع القواد والأجناد ومشايخ البلد وأشرافه وفيهم موسى العلوي ، وله التقدم والميزة ، وأذكرهم بحقوق العزيز وما كان منه من الإحسان إلى الخاص والعام ، وحسن السيرة في الرعية ، واعتقاد الخير للكافّة ، وخرج من ذلك إلى ذكر ما له عليه من حقوق الاصطناع والتقدم والاصطفاء ، والتعزير (١) للتمويه باسمه وما يلزمه في خدمته حيا وميتا ، ومناصحته معدوما ومفقودا وموجودا ، وقال : وإذ قبضه الله إليه ونقله إلى ما اختاره له وارتضاه ، وحكم به وأمضاه ، فإن حقوقه قد انتقلت إلى نجله وسليله الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين ، وهو اليوم ولي النعمة وقائم مقام العزيز بالله رحمة الله ، في استحقاق الطاعة والمناصحة (٣٢ ظ) والخدمة ، وقد تغلب على الملك الحسن بن عمار وكتامة ، وصار أخواننا المشارقة بينهم كالذمة بين المسلمين ، وما يسعنا الصبر على هذه الصورة وتسليم الدولة إلى هذه العصابة المتسلطة ، وخرق ثيابه السود ، وبكى البكاء الشديد ، فاقتدى الناس به في تخريق الثياب والبكاء ، ثم قالوا : ما فينا إلا سامع لك مطيع لأمرك ومؤثر ما تؤثر وباذل مهجته في طاعة الحاكم وخدمته وخدمتك ، ومهما رسمت لنا من خدمة وبذل نفس ومكنة كنا إليه مسارعين ، ولأمرك فيه طائعين إلى أن تبلغ مناك وتدرك مبتغاك في نصرة مولانا ، فشكرهم على هذا المقال وقوى عزائمهم وآراءهم على المتابعة له ، والعمل بما يوافقه ،
__________________
(١) الاعانة والتوقير والنصر ومنع الجاني أن يعاود الذنب ـ النهاية لابن الأثير.