وسأله مكاتبة البرجي صاحبه بأنطاكية بالمسير إليه متى دعته حاجة إلى انجاده ومعونته ، فكاتب عظيم الروم بذاك ، وأكد القول عليه ، فلما وافى بكجور ، كاتب سعد الدولة البرجي ، فرحل ونزل مرج دابق وهو على فرسخين من حلب ، ووصل بكجور إلى النقرة ونزل في ناحية تعرف بالناعورة ، وامتد عسكره إلى تلّ اعرن ومنها الى حلب أربعة فراسخ ، وبرز سعد الدولة في غلمانه وأصحابه فكانوا ستة آلاف رجل من الروم والأرمن والديلم والأتراك ، ولم يكن معه من عسكر العرب الا عمرو بن كلاب وعدتهم خمسمائة رجل إلا أنهم أولو بأس وقوة ، ومن سواهم من بطون العرب بني كلاب مع بكجور ، بعد أن حصل حرمه وأولاده في القلعة بحلب ، ولما برز وسار عسكره ، وكان لؤلؤ الجراحي الكبير يحجبه ، أعجبه ما رأى من عدته وعدته فنزل الى الأرض وصلى وعفّر ودعا الله بنصره وادالته من بكجور وغدره ، وفعل أصحابه مثل فعله ، واجتمعوا إليه ، وقالوا له : نفوسنا بين يديك والله لنبذلنّها في طاعتك والمدافعة عنك ، فشكرهم وقال لهم : أنتم الأولاد والعدة ، وهذه الدولة لكم وأنا فيها واحد منكم ، واستدعى كاتبه المعروف بالمصيصي وأمره أن يكتب إلى بكجور يستعطفه ويذكره الله ويخوفه ويبذل له أن يقطعه من باب حمص إلى الرقة ، ويدعوه إلى الكف والموادعة ، ورعاية حق الرق والعبودية ، ويعلمه أنه متوقف عن حربه ولقائه إلى أن يعود إليه من جوابه ما يعول عليه ، وسار فنزل بالموضع المعروف بالنيرب على ميل من حلب ، وعسكر الروم بإزائه ووافى رسول سعد الدولة إلى بكجور ، فأوصل اليه الكتاب ، فلما وقف عليه ، قال له : قل له الجواب ما تراه عيانا لا ما أرسل اليك كتابا ، فعاد الرسول وأعاد على سعد الدولة قوله وأعلمه أنه سائر على أثره ، فتقدم سعد الدولة الى الموضع المعروف بدير الزبيب ، وقدم على مقدمته شجعان غلمانه وأنجادهم من عمرو بن كلاب الذين قدمنا ذكرهم ، وقد جعل بكجور على مقدمته يارخ