ووفى بما وعد المساعدين له على الخلاص ، وقويت شوكته ، واستقامت مملكته (١).
وفي شهر رمضان وردت الأخبار من ناحية الموصل ، بأن السلطان سليمان شاه بن السلطان محمد (٢) عزم على العبور في عسكره الى أعمال الموصل ، فانفذ إليه واليها ومدبرها الأمير زين الدين على كوجك ، يقول له : إنك فعلت وأضررت بالأعمال ، وآذيت أهلها ، وسأله (١٨٣ و) فلم يقبل ، ونهض إليه في عسكره من الموصل ، ومن انضاف إليه وصاففه ، فرزق النصر عليه ، وهزم عسكره أقبح هزيمة ، واستولى على سواده ، وعاد به الى الموصل ظافرا منصورا.
وفي العشر الأخير من ذي الحجة من السنة غدر الكفرة الأفرنج ، ونقضوا ما كان استقر من الموادعة والمهادنة ، بحكم وصول عدة وافرة من الأفرنج في البحر ، وقوة شوكتهم بهم ، ونهضوا الى ناحية الشعراء المجاورة لبانياس ، وقد اجتمع فيها من جشارات خيول العسكرية والرعية وعوامل الفلاحين فلاحي الضياع ومواشي الجلابين والعرب الفلاحين الشيء الكثير ، الذي لا يحصى ، فيذكر ، للحاجة الى الرعي بها ، والسكون الى الهدنة المستقرة ، ووقع من المندوبين لحفظهم من الأتراك تقصير ، فانتهزوا الفرصة ، واستاقوا جميع ما وجدوه وأفقروا أهله منه ، مع ما أسروه من تركمان وغيرهم ، وعادوا ظافرين غانمين آثمين ، والله تعالى في حكمه يتولى المكافأة لهم ، والإدالة منهم ، وما ذلك عليه بعزيز.
__________________
(١) انظر كتابي تاريخ العرب والاسلام : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ، ولقد توفي سنجر بعد نجاته بفترة وجيزة.
(٢) في الأصل «مسعود» وهو وهم صوابه ما أثبتنا ، انظر الخبر بتفاصيله في الباهر لابن الأثير : ١٠٨.