الشرك والطغيان ، وبنصرة أهل عسقلان على النازلين عليها من الأفرنج ، وقد ضايقوها بالزحف إليها بالبرج المخذول ، وهو في الجمع الكثير ، والله يحرسها من شرهم ، واقتضت الحال توجه مجير الدين صاحب دمشق الى نور الدين ، في جمهور عسكره ، للتعاضد على الجهاد ، في يوم السبت الثالث عشر من المحرم ، واجتمع معه في ناحية الشمال ، واتفق بينهما وجماعة المقدمين من أمراء الأعمال والتركمان ، وهم في العدد الدثر ، وقد ملك نور الدين الحصن المعروف بأفلس (١) بالسيف بأمر قضاه الله وسهله ويسره وعجله ، وهو في غاية المنعة والحصانة ، وقتل من كان فيه من الأفرنج والأرمن ، وحصل للعسكر من المال والسبي الشي الكثير.
ونهضوا طالبين ثغر بانياس ، ونزلوا عليه في يوم السبت تاسع وعشرين صفر ، وقد خلا من حماته وتسهلت أسباب ملكته ، وقد تواصلت استغاثة أهل عسقلان واستنصارهم بنور الدين ، فقضى الله تعالى بالخلف بينهم ، والقتل ، وهم في تقدير عشرة آلاف فارس وراجل ، فأجفلوا عنها من غير طارق من الأفرنج طرقهم ولا عسكر (١٧٤ و) منهم أرهقهم ، ونزلوا على المنزل المعروف بالأعوج ، وعزموا على معاودة النزول على بانياس وأخذها ، ثم أحجموا عن ذلك من غير سبب ولا موجب وتفرقوا ، وعاد مجير الدين الى دمشق ودخلها سالما في نفسه وجملته ، في يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول من السنة ، وعاد نور الدين إلى حمص ، ونزل بها في عسكره.
ووردت الأخبار بوصول اسطول مصر إلى عسقلان ، وقويت نفوس من بها بالمال والرجال والغلال ، وظفروا بعدة وافرة من مراكب الأفرنج في البحر ، وهم على حالها في محاصرتها ومضايقتها ، والزحف بالبرج إليها.
وقد تقدم من شرح الحال للرئيس في تمكنه من منصب الوزارة ، بنفيه
__________________
(١) لم أجده في المصادر الجغرافية وسواها.