أصحابه ، وعاد من بقي منهم الى بانياس ، فتحصنوا بها ، وجمعوا إليها رجال وادي التيم ، وغيرهم ، ومن أمكن جمعه من الرجال ، للذب عنها والمراماة دونها ، فنهض إليها الأمير معين الدين في عسكر دمشق ، ونزل عليها ، ولم يزل محاربا بالمنجنيقات ، ومضايقا لها بأنواع المحارب ، ومعه فريق وافر من عسكر الأفرنج عامة شوال.
وورد الخبر بأن الأمير عماد الدين أتابك قد نزل على بعلبك ، وأنفذ يستدعي التركمان من مظانهم ، في شوال لقصد بانياس ، ودفع المنازلين لها عنها ، ولم تزل الحالة جارية على هذه القضية إلى آخر ذي الحجة من السنة.
ووردت الأخبار من ناحية مصر ، بأن الأفضل بن ولخشى ، لما فصل عن صرخد ، ووصل الى ظاهر مصر ، أن الاتراك الذين انضموا إليه ، عملوا عليه وغدروا به ، وانتهبوا ما كان معه من كراع وسواد ، فحين وجدوا منه الغرة والغفلة لم يبقوا على أي شيء مما صحبه ، وتفرقت عنه أصحابه ورجاله ، وبقي فريدا ، فحصل في أيدي الحافظية أسيرا ، ووصل به من يحفظه ويحتاط عليه ، وهذا الأفضل المقدم موصوف بالشجاعة والفروسية وعلو الهمة ومضاء العزمة والبسالة ، وحسن السياسة ، وذكاء الحس ، ولكن المقادير لا تغالب ، والأقضية لا تدافع ، والله يفعل ما يشاء ويختار.
ولم تزل بانياس على حالها في المضايقة والمحاصرة ، الى أن نفذت منها الميرة ، وقل قوت المقاتلة فسلمت (١٤٩ و) إلى معين الدين ، وعوض عنها الوالي الذي كان بها بما أرضاه من الإقطاع والإحسان ، وسلمها الى الأفرنج ، ووفى لهم بالشرط ، ورحل عنها منكفئا إلى دمشق ظافرا بأمله حامدا لعمله في أواخر شهد شوال.
وفي صبيحة يوم السبت السابع من ذي القعدة من السنة ، حصل عماد الدين أتابك بعسكره جريدة بظاهر دمشق ، ووصل المصلى ، وقرب من سور