يقتضيه التدبير ، فيما يراد ، والتقرير الايقاع بأبي علي الوزير أولا فإنه أصوب ما اعتمد ، وأولى ما قصد ، فرتب لقتله من خواصه من اعتمد عليه ، وسكن في أمره إليه ، وقرر معه أن يضرب رأسه بالسيف متى أشار إليه ، فلما كان يوم الأربعاء السابع عشر من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة حضر مع جماعة الأمراء والمقدمين على الرسم ، في قبة الورد من دار القلعة بدمشق ، وجرى في المجلس أمور ومخاطبات مع تاج الملوك والحضور ، انتهى الأمر فيها الى الانصراف الى منازلهم ، والعود الى دورهم ، ونهض الوزير المذكور منصرفا بعدهم على رسمه ، فأشار تاج الملوك الى خصمه فضرب رأسه بالسيف ضربات أتت عليه ، وقطع رأسه ، وحمل مع جثته الى رمادة باب الحديد ، فألقيت عليها ينظر الكافة الى صنع الله تعالى بمن مكر ، واتخذ معينا سواه ، وبغيره انتصر ، وأحرقت جثته بعد أيام بالنار ، وصار رمادا تذروه الرياح ، ذلك بما قدمت يداه ، وما الله بظلام للعبيد (١).
__________________
(١) جاء في مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٥٢٣ ـ : «وفيها كانت فتنة الاسماعيلية بدمشق ، وكان ابن محرز قد سلم إليهم حصن القدموس لأن بوري قصده ليأخذه منه ، فسلمه إليهم ، وكان الوزير المزدقاني بدمشق يكاتبهم ويهاديهم خوفا من بني الصوفي ، فشرع وجيه الدين المفرج بن الصوفي رئيس دمشق مع بوري في الاغراء بالاسماعيلية ، وهون عليه أمرهم ، وساعده الحاجب ابن فيروز ، ثم اتفقوا على قتل الوزير المزدقاني ، فاستدعاه بوري الى القلعة سابع رمضان ، فجلس عنده ، فلما قام ليخرج ، وثبت عليه جماعة من الأجناد ، فقتلوه في دهليز قلعة دمشق ، وقطعوا رأسه وأحرقوا جسده في باب الحديد ، ثم مضوا الى دار الدعوى ، وقتلوا كل من بها ، وثار عوام دمشق على الاسماعيلية ، فقتلوهم شر قتلة ، ذبحا بالسيوف ورميا بالحجارة ، وصلبوا منهم جماعة على سور دمشق ، فكان عدة من قتل منهم عشرة آلاف على ما قيل ، ولم يتعرضوا لحريمهم ولا لأموالهم ... وكان ـ طاهر بن سعد أبو علي الوزير المزدقاني ـ سمحا جوادا ، بنى المسجد على الشرف الشمالي دمشق ، عند تربة ست الشام ، ويسمى مسجد الوزير ، وفيه القراء وعليه الوقف ، وكان قد عاداه وجيه الدولة ابن الصوفي ، فانتمى الى الاسماعلية خوفا منه».