ثم رفع إلى أمير المؤمنين الخليفة المسترشد بالله ، رقعة عند مصيره الى بغداد ، (١٢٠ و) ومهاجرته الى الباب الإمامي المسترشدي ، والسلطاني الغياثي ، يذكر فيها حال مواضع داثرة في عمل دمشق ، وحصص عامرة ، وأرض معطّلة لا مالك لها ولا فائدة في عطلتها ، ولا انتفاع لخاصي ولا عامي بشيء منها ، لدثورها ودروس معالمها ورسومها ، واستأذنه في بيعها ممن رغب فيها ، ويؤثر عمارتها للانتفاع بريعها وغلتها ، وصرف ما يحصل من ثمنها في الأجناد المرتبين للجهاد ، فأذن له في ذلك أذنا تاما ، مؤكدا إباحه له ، وأمضاه لمن يملكه بالابتياع منه ، وأحله وأطلقه ، ووقع بذاك على ظهر الرقعة بالإمضاء ، وإبطال التأول فيه ، والتحذر من إبطال شيء من حكمه ، أو التجاوز لرسمه ، ووكد بالعلامة الشريفة الإمامية المسترشدية بخطه الكريم ، ووكل في بيع ذلك من ارتضاه من ثقات الأمناء ، الوكالة الصحيحة التي قبلها منه ، وتقلدها عنه وأشهد عليه الشهود المعدلين ، وأمضى البيع في ذلك لمن رغب فيه ، فعمرت عدة ضياع يبابا خالية ، وعلى عروشها خاوية ، وأرض عافية لا انتفاع بها ولا فائدة لأحد فيها ، فأجريت عيون مياهها ، وأعيدت الى أجمل عاداتها ، وظهرت منها الخيرات ، وعمت بذلك الميامن والبركات ، ودامت له الدولة ، ولمن بعده ببركات هذه الأفعال الحميدة ، والنية الجميلة ، وحسنت لهم العقبى في الولد والأسرة ، والأهل والجملة وحصل له الذكر الجميل في الآفاق والأقطار والأمصار ، والثناء الطيب الحسن الآثار ، ومضى لشأنه سعيدا عزيزا حميدا ، على ظهر فراشه لا يرد له أمر ، ولا يخالف له قول ولا يتجاوز له حكم ، (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(١).
* * *
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الحديد : ٢١.