عليها المناجيق ، وشرع في عمل آلة الحرب والنقوب لقصد الأماكن المستضعفة منها لانتهاز الفرصة فيها (٩١ و) وترامى إليه من أحداث أهلها وأجنادها جماعة أحسن إليهم ، وخلع عليهم ، وزحف إلى سورها ، وقاتل من عليه ، فقتل جماعة منهم ، فحين شاهدوا الجد في القتال ، والصبر على النزال ، جنحوا إلى الدخول في الطاعة ، والتمس الخادم الإقالة ، وبذل تسليم البلد والحصن على شرط اشترطه ، واقطاع عينه ، وطلب بعض المقدمين للحديث معه والتوثق لنفسه ، فنفذ إليه الأمير بلتاش لمحله من الدولة ، فتقررت الحال على ما اقترحه وسلم البلد والحصن الذي هو غاية في المنعة والحصانة ، ومن العجائب المذكورة ، والقلاع المشهورة ، وخرج إليه ، وجرى على عادته الجميلة في الصفح عمن أساء إليه ، وأظهر العصيان عليه ، وعوضه عن بعلبك حصن صرخد ، وهو مشهور بالحصانة والمنعة أيضا (١) ، وأعاد إليه ما كان قبض عنه من ملك وإقطاع (٢) بدمشق ، وسلم ظهير الدين أتابك ، بعلبك إلى ولده تاج الملوك بوري ، فرتب فيها من ثقات أصحابه من اعتمد عليه في حفظها ، وقرر أحوالها ، وكانت مدة المقام في منازلتها خمسة وثلاثين يوما وسلمت وتسلمت في اليوم الثاني والعشرين من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسمائة وأمر ظهير الدين بإزالة حوادث الظلم عن أهل بعلبك ، وتسويغ بعض خراجها (٣) أهلها ، وأعاد عليهم أملاكا كانت قد اغتصبت في قديم الزمان ، وكثر له الدعاء ، وتواصل
__________________
(١) ترسم الآن «صلخد» وهي مركز منطقة تابعة لمحافظة السويداء ، وقد وصفها أبو الفداء في تقويم البلدان : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ بقوله : وهي بلدة صغيرة ذات قلعة مرتفعة وكروم كثيرة ، وليس لها ماء سوى ما يجمع من الأمطار في الصهاريج والبرك ... ومن شرقيها تسلك طريقا تعرف بالرصيف الى العراق.
(٢) في الأصل «الى دمشق» وهو غير مستقيم قوم من مرآة الزمان ـ أخبار سنة ـ ٥٠٣ ـ حيث نقل رواية ابن القلانسي هذه.
(٣) في الأصل «بعض خراج أهلها» وهو غير مستقيم المعنى ، وفي مرآة الزمان عن ابن القلانسي : «وحط بعض الخراج» لذا تم التقويم.