للأتراك الثلث ، وللأفرنج والفلاحين الثلثان ، فانعقد الأمر على هذه القضية ، وكتب الشرط على هذه النية.
وكان فخر الملك بن عمار ، لما ملك الأفرنج جبيل ، خرج منها وتوجه إلى شيزر ، فأكرمه صاحبها سلطان بن علي بن المقلد بن منقذ الكناني ، واحترمه ، وجماعته ، وعرض عليه المقام عنده ، فلم يفعل ، وتوجه إلى دمشق عائدا إلى ظهير الدين أتابك ، فأكرمه وأنزله في دار ، وأقطعه الزبداني وأعمالها في المحرم سنة ثلاث وخمسمائة.
سنة ثلاث وخمسمائة
لما فرغ الافرنج من طرابلس بعد افتتاحها ، وتدبير أعمالها ، وتقرير أحوالها ، نهضوا إلى رفنية وعرف ظهير الدين ذاك من قصدهم ، فنهض في العسكر نحوها لحمايتها ، وخيم بإزائهم بحمص ، فلم يتمكن الأفرنج من منازلتها ومضايقتها ، وترددت بينه وبينهم مراسلات ومخاطبات ، أفضت إلى أن أجاب كل واحد من الفريقين (٩٠ و) إلى تقرير الموادعة على الأعمال ، والمسالمة ، واستقر الأمر في ذلك على أن يكون للأفرنج الثلث من استغلال البقاع ، ويسلم إليهم حصن المنيطرة (١) وحصن ابن عكار (٢) ، ويكفّوا عن العيث والفساد في الأعمال والأطراف ، وأن يكون حصن مصيات (٣) وحصن الطوفان (٤) وحصن الأكراد (٥) داخلا في شرط الموادعة ، ويحمل أهلها عنها
__________________
(١) قال ياقوت عن المنيطرة : حصن بالشام قريب من طرابلس.
(٢) قلعة صغيرة في شمالي لبنان (٢٥ ميلا تقريبا الى الشمال الشرقي من طرابلس) تربض فوق جرف جبلي على السفوح الشمالية لجبل عكار.
(٣) قلعة ومدينة صغيرة في وسط سورية الى الغرب من مدينة حماة ، تقع فوق تل متدرج الانحدار في الشعاب الشرقية لجبال النصيرية.
(٤) لم أجد هذا الحصن في المظان حتى أحدد مكانه.
(٥) تعرف الآن باسم قلعة الحصن تربض في وسط سورية الى الغرب من حمص في منطقة وادي النضارة ، موقعها ممتاز فوق ذروة مرتفعة تزيد عن / ٢١٠٠ قدم / وتحيط بها من جميع جهاتها مدرجات متوسطة الانحدار.