وفي السادس والعشرين من جمادى الأولى ورد الخبر بقتل خلف بن ملاعب ، صاحب أفامية قتله قوم من الباطنية نفذهم إليه المعروف بأبي طاهر الصائغ العجمي ، من حلب ، وهو الذي قام للباطنية مقام الحكيم المنجم الباطني ، بعد هلاكه ، بموافقة رجل (٨١ ظ) من دعاتهم يعرف بابن القنج (١) السرميني ، كان مقيما بأفامية ، وقدر قرر ذلك مع أهلها ، فنقبوا نقبا في السور حتى تمكنوا من الوصول إليه ، فلما قربوا منه ، وأحس بهم لقيهم فوثب إليه بعضهم فطعنه في جوفه فرمى بنفسه في القلة يريد بعض دور أولاده (٢) فطعنه آخر طعنة ثانية فعاش ساعة ومات ، وصاح الصائح على القلة و [حين] نادوا بشعار الملك رضوان نجا أولاده وخاصته من (٣) السور ، وملكوا عليهم الموضع وقتلوا من قتلوا ، وسلم ولده مصبح بن خلف بن ملاعب ، وتوجه إلى شيزر ، وأقام هناك مدة ، فأطلق منها.
ووصل طنكري إلى أفامية عقيب هذه الكائنة طامعا فيها ، ومعه أخ كان لابن القنج الداعي السرميني كان مأسورا في يده ، فقرر له شيئا دفعه إليه ، فرحل عنه.
وفي هذه السنة وصل قلج أرسلان بن سليمان بن قتلمش ، في عسكر كثير ، وقصد الرها ، ونزل قريبا منها ، فأنفذ أصحاب جكرمش المقيمون بحرّان يستدعونه لتسليمها إليه ، فوصل إليهم وتسلمها منهم ، واستبشر الناس بوصوله الى الجهاد ، وأقام أياما ومرض مرضا أوجب له العود إلى ملطية ، وأقام أصحابه بحرّان.
__________________
(١) في الأصل «بأبي الفتح» وهي مصحفة صوابها ما أثبتنا ، وذلك عن خط ابن العديم في كتابه بغية الطلب في ترجمته لابن ملاعب. مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٨٤.
(٢) في الأصل «أهله ده» وهي مصحفة صوابها ما أثبتنا من بغية الطلب لابن العديم حيث نفس الرواية.
(٣) في الأصل : «فجاء أولاده وصاحبه من السور» وفي العبارة سقط وتصحيف وتم تقويم ذلك من رواية ابن العديم.