سنة تسع وسبعين وأربعمائة
فيها تقدم السلطان العادل ملك شاه أبو الفتح بن السلطان ألب أرسلان رحمهالله بإبطال أخذ المكوس من سائر التجار عن جميع البضائع في العراق وخراسان ، وحظر تناول شي منها في بلد من البلاد الجارية في مملكته ، فكثر الدعاء له من كافة الناس في سائر الأعمال وتضاعف الثناء عليه من الخاص والعام (١).
وفيها وردت الأخبار من ناحية المغرب بوصول الانبرت ابن ملك الافرنج في عسكره الى مدينة المهدية ، ونزوله عليها ومضايقته لها إلى أن ملكها بالسيف قهرا ، وقتل رجالها وسبى ، كافة من كان بها من أهلها (٢).
وفيها جمع الملك سليمان شاه ، بن قتلمش (٣) وحشد وقصد بلد حلب ، ونزل عليها محاصرا لها ومضايقا عليها وطامعا في تملكها ، فوردت عليه أخبار السلطان تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان باحتشاده ، وتأهبه لقصدها ، واستعداده فرحل عنها ، والتقى عسكره وعسكر تاج الدولة في موضع يعرف بعين سليم (٤) في يوم الأربعاء الثامن عشر من صفر ، فكسر عسكر تاج الدولة عسكر سليمان ، فقتل في الهزيمة ، وملك تاج الدولة عسكره وسواده ، ونزل
__________________
(١) في مرآة الزمان ـ أخبار سنة ٤٧٥ ه ـ أن هذا كان سنة خمس وسبعون وأربعمائة ، وأنه اقتصر على قافلة الحج صادرة وواردة.
(٢) كانت المهدية لتميم بن المعز بن باديس ، وقد هاجمها اسطول جنوي في ثلاثمائة سفينة تحمل ثلاثين ألف مقاتل نورماندي وقد ظلت المهدية تحت الاحتلال النورماندي حتى استخلصها الموحدون. انظر البيان المغرب لابن عذاري. ط. بيروت ١٩٥٠ : ١ / ٤٣٢ ـ الحلل الموشيه : ١٥٢ ـ ١٥٤. خلاصة تاريخ تونس لحسن حسني عبد الوهاب. ط. تونس : ١٩٦٨ : ١١٥.
(٣) في الأصل «شاه بن قتلمش» وأضفنا عبارة سليمان ليتضح السياق.
(٤) في معجم لبلدان لياقوت : عين سليم على ثلاثة أميال من حلب.