قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخ دمشق

125/576
*

وأزرت عليه ، خذله الأنصار ، وقلّ بعد الإكثار ، فصار كقول الملك الجبار (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ)(١) ، غير أن العبد يتوسل بوكيد خدمته ، وقديم نصيحته ، ومجاهدته لأعداء الدولة مذكرا قول الله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ ، وَيُصْلِحُ بالَهُمْ)(٢) ، وهو مع ذلك معترف بذنوب ما جناها ، وإساءة ما أتاها ، ذاكرا ما نزّل الله في كتابه المبين على سيد المرسلين (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣) عفا الله عن أمير المؤمنين ، أهل بيت العفو والكرامة لجميع الأمم ، وفيهم نزلت الآيات والحكم ، قال الله تعالى : (وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)(٤) وليس مسير العبد إلى حلب ينجيه من سطوات مواليه ، لقوله تعالى : (قُلْ [مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً. أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ] وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ)(٥) والذين كتب عليهم القتل [يدركهم](٦) إلى مضاجعهم ، لكنه بعد توسّله واعترافه بجرائره وذنوبه ، وتنصّله يرجو قبول توبته ، وتمهيد عذره في إنابته و (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٧) ولأمير المؤمنين في كل قول وحد ، فقد وعد الله المسرفين على أنفسهم فقال تعالى : «قُلْ يا عِبادِيَ

__________________

(١) القرآن الكريم ـ ابراهيم : ٢٦.

(٢) القرآن الكريم ـ محمد : ٤ ـ ٥.

(٣) القرآن الكريم ـ التوبة : ١٠٢.

(٤) القرآن الكريم ـ النور : ٢٢.

(٥) القرآن الكريم ـ النساء : ٧٧ ـ ٧٨. وسقط ما بين الحاصرتين من الأصل.

(٦) أضيف ما بين الحاصرتين تقديرا كيما يستقيم السياق.

(٧) القرآن الكريم ـ الروم : ٤.