مظفر منتجب الدولة ، وخلع عليه وخرج إلى مخيمه ، وجملة من جرد معه سبعة آلاف فارس وراجل سوى العرب ، وسار في ذي القعدة [سنة تسع عشرة وأربعمائة](١) وودعه الامام الظاهر لإعزاز دين الله ، وعيد بالرملة عيد النحر ، وسار إلى بيت المقدس ، وجمع العسكر ، وقصد صالح بن مرداس وحسان بن مفرج ، وجموع العرب عند معرفته بتجميعهم ، ووقع اللقاء في الأقحوانة (٢) ، والتقى الفريقان فهزمت جموع العرب ، وأخذتهم السيوف ، وتحكمت فيهم ، وكان صالح بن مرداس على فرسه المشهور ، فوقف به من كدّ الهزيمة ، ولم ينهض به ، فلحقه رجل من العرب يعرف بطريف من فزارة ، فضربه بالسيف في رأسه وكان مكشوفا (٤٧ ظ) فصاح ووقع ولم يعرفه ، وتمّ في طلب فرسه ، فمر به رجل من البادية فعرفه فقطع رأسه وعاد يرقص به ، فلقيه الأمير عزّ الدولة رافع (٣) فأخذه منه ، وجاء به إلى الأمير المظفر ، فلما رآه نزل عن فرسه وسجد لله شكرا على ما أولاه من الظفر ، وركب وأخذه بيده ، وجعله على ركبته وأطلق للزبيدي (٤) الذي جاء به ألف دينار ، ولعز الدولة رافع خمسة آلاف دينار ، وأطلق لطريف الذي ضربه بالسيف فرسه وجوشنه وألف دينار ، وأخذ الغلمان الأتراك الزي لصالح نفسه ، وأحسن
__________________
(١) فراغ بألأصل ، ملأته من مختلف المصادر التي تحدثت عن حلف قبائل الشام الثلاث الكبرى : كلب ، طيء ، كلاب ، بزعامة : سنان بن عليان الكلبي ، وحسان بن المفرج الطائي ، وصالح بن مرداس الكلابي ، على اقتسام الشام بعد طرد الفاطميين ، انظر كتابي : امارة حلب ـ ط. بيروت ١٩٧١ : ١٠٠ ـ ١٠١.
(٢) في منطقة طبرية على مقربة من فيق. معجم البلدان.
(٣) رافع بن أبي الليل من أمراء كلب ، انفصل عن عمه سنان بن عليان ، وانضم جهارة إلى صف الفاطميين واشترك إلى صفهم في معركة الأقحوانة. انظر امارة حلب : ٩٩ ـ ١٠٠.
(٤) أي الرجل «من البادية» الذي تعرف إلى جثة صالح بن مرداس ، هذا ويروى أن الذي تولى قتل صالح هو رافع بن أبي الليل بن عليان نفسه.