(الثاني) أن الاستيلاء إنما يكون بعد قهر وغلبة ، والله تعالى منزّه عن ذلك ؛ قاله ابن الأعرابي (١).
وقال أبو عبيد (٢) : بمعنى «صعد» ، وردّ بأنه يوجب هبوطا منه تعالى حتى يصعد ، وهو منفيّ عن الله.
وقيل : (٣) «الرّحمن على والعرش له استوى (٣)» ، فجعل «علا» فعلا لا حرفا ؛ حكاه الأستاذ إسماعيل الضرير (٤) في «تفسيره» ؛ ورد (٥) بوجهين : (أحدهما) أنه جعل الصفة فعلا [وهو على] (٦) ، ومصاحف أهل الشام والعراق والحجاز قاطعة بأن «على» هنا حرف ، ولو كان فعلا لكتبوها باللام ألف كقوله : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (المؤمنون : ٩١) (والثاني) أنه رفع العرش ولم يرفعه أحد من القراء.
وقيل : تمّ الكلام عند قوله : (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ) ، ثم ابتدأ بقوله : (اسْتَوى * لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (طه : ٥ و ٦) وهذا ركيك يزيل الآية عن نظمها ومرادها.
قال الأستاذ (٧) : والصواب ما قاله الفرّاء (٨) والأشعري وجماعة من أهل المعاني ، أن
__________________
(١) هو أحمد بن محمد بن زياد ، أبو سعيد بن الأعرابي ، المحدث القدوة الصوفي شيخ الإسلام ، روي عن الحسن الزعفراني وابن منده وابن جميع وخلائق ، كان ثقة عابدا كبير القدر صحب الجنيد ، وله «طبقات النسّاك» توفي سنة ٣٤٠ ه (سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٠٧).
(٢) هو القاسم بن سلام تقدم التعريف به في ١ / ١١٩.
(٣) في المطبوعة : الرحمن على العرش استوى.
(٤) هو إسماعيل بن أحمد بن عبد الله الضرير ، أبو عبد الرحمن الحيري ، المقرئ المفسّر الزاهد ، أحد أئمة المسلمين ولد سنة (٣٦١) ورحل في طلب الحديث كثيرا. وسمع من زاهر السرخسي. روى عنه الخطيب أبو بكر. له تصانيف مشهورة في القرآن والقراءات والحديث والوعظ. كان مفيدا نفّاعا للخلق مباركا في علمه وله «تفسير» ت ٤٣٠ ه (الداودي ، طبقات المفسرين ١ / ١٠٤) ، وتفسيره ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ٢ / ١٤٩٨ باسم «الكفاية في التفسير».
(٥) في المخطوطة (وحكاه) وفي نسخة (وخطّأه) ، والصواب ما في المطبوعة.
(٦) ليست في المطبوعة.
(٧) هو إسماعيل الضرير المتقدّم.
(٨) انظر قول الفراء في كتابه معاني القرآن ١ / ٢٥ في تفسير سورة البقرة الآية (٢٩).