وجب تعلّمه على القارئ ليسلم من اللّحن ، ولا يجب على المفسر ليتوصل (١) إلى المقصود دونه ؛ على أن جهله نقص في حق الجميع.
إذا تقرر ذلك ؛ فما كان من التفسير راجعا إلى هذا القسم فسبيل المفسّر التوقف فيه على ما ورد في لسان العرب ، وليس لغير العالم بحقائق اللغة ومفهوماتها تفسير شيء من الكتاب العزيز ، ولا يكفي في حقه تعلّم اليسير (٢) منها ، فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين.
* (الثاني) : ما لا يعذر واحد بجهله ، وهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمّنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد ؛ وكلّ لفظ أفاد معنى واحدا جليّا لا سواه يعلم أنه مراد الله تعالى. فهذا القسم لا يختلف حكمه ، ولا يلتبس تأويله ، إذ كلّ أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ) (محمد : ١٩) (٣) [وأنه لا شريك له في إلهيّته ، وإن لم يعلم أن «لا» موضوعة في اللغة للنفي ، و «إلا» للإثبات وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر ، ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (البقرة : ٤٣) ونحوها من الأوامر طلب إدخال ماهية المأمور به في الوجود ، وإن لم يعلم أن صيغة «أفعل» مقتضاها الترجيح وجوبا أو ندبا ، فما كان من هذا القسم لا يقدر أحد يدّعي الجهل بمعاني ألفاظه ، لأنها معلومة لكل أحد بالضرورة] (٣).
* (الثالث) : [ما لا يعلمه إلاّ الله تعالى] (٤) فهو ما يجري مجرى الغيوب نحو الآي المتضمنة قيام الساعة ونزول الغيث وما في الأرحام ، وتفسير الروح ، والحروف المقطعة. وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق ، فلا مساغ للاجتهاد في تفسيره ، ولا طريق إلى ذلك الا بالتوقيف من أحد ثلاثة أوجه : إما نص من التنزيل ، أو بيان من النبي صلىاللهعليهوسلم ، أو إجماع الأمة على تأويله ؛ فإذا لم يرد فيه توقيف من هذه الجهات علمنا أنه مما استأثر الله تعالى بعلمه.
* و (الرابع) : ما يرجع إلى اجتهاد (٥) العلماء ، وهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل ؛
__________________
(١) في المخطوطة (للتوصل).
(٢) في المخطوطة (البشر).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٤) هذه العبارة ليست في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (لاجتهاد).