(الرابعة) : يكتفي في تلك بأيّ معنى كان وشرط. وما قاله ضعيف ، لأن المفهوم من دلالة اللفظ ليس من باب الألفاظ حتى يحذو به حذو الألفاظ.
(الخامسة) : في تقسيمه : وهو صناعي ـ يتعلق باصطلاح النحاة ـ ومعنويّ ، وأقسامه (١) كثيرة ، فلنذكر ما تيسّر منها.
القسم الأول : التوكيد الصناعي
وهو قسمان : لفظيّ ومعنويّ ، فاللفظي تقرير معنى الأول بلفظه أو مرادفه ؛ فمن المرادف (فِجاجاً سُبُلاً) (الأنبياء : ٣١) (ضَيِّقاً حَرَجاً) (الأنعام : ١٢٥) في قراءة كسر الراء (٢).
(وَغَرابِيبُ سُودٌ) (فاطر : ٢٧). وجعل الصّفّار (٣) منه قوله تعالى : (فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ) (الأحقاف : ٢٦) على القول بأن كلاهما (٤) للنفي.
واللفظي يكون في الاسم النكرة بالإجماع ، نحو : (قَوارِيرَا* قَوارِيرَا) (الإنسان : ١٥ و ١٦) وجعل ابن مالك وابن عصفور [منه] (٥) : (دَكًّا دَكًّا) (الفجر : ٢١) و (صَفًّا صَفًّا) (الفجر : ٢٢) وهو مردود لأنه جاء في التفسير أن معنى (دَكًّا دَكًّا) [دكّا] (٥) (الفجر : ٢١) بعد دكّ ، وأن الدّك كرّر عليها حتى صار هباء منثورا ، وأن معنى : (صَفًّا صَفًّا) أنه تنزّل ملائكة كل سماء يصطفّون صفّا بعد صف ، محدقين بالإنس والجنّ. وعلى هذا فليس الثاني منهما تكرارا للأول ؛ بل المراد به التكثير ؛ نحو جاء القوم رجلا رجلا ، وعلّمته الحساب بابا بابا.
وقد ذكر ابن جني في قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (الواقعة : ١) (إِذا رُجَّتِ) (الواقعة : ٤) أن (رُجَّتِ) بدل من (وَقَعَتِ) ، وكررت (إِذا) تأكيدا لشدة امتزاج المضاف بالمضاف إليه.
ويكون في اسم الفعل ، كقوله تعالى : (هَيْهاتَ هَيْهاتَ) [١٣٨ / أ](لِما تُوعَدُونَ) (المؤمنون : ٣٦) وفي الجملة ، نحو : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الانشراح :
__________________
(١) في المخطوطة (وتمكينه وأقسامه).
(٢) وهي قراءة نافع وأبي بكر (التيسير ص ١٠٦) وانظر معاني القرآن للفراء ١ / ٣٥٣.
(٣) هو القاسم بن علي الصفّار ، تقدم ذكره في ١ / ٣٨٦.
(٤) الضمير عائد على (ما) و (إن) في الآية الكريمة.
(٥) زيادة يقتضيها السياق.