بيان يرجع فيه [إليه] (١) ، كما قال تعالى : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (النمل : ٧٦).
فصل (٢) في قدر المعجز من القرآن
قال القاضي أبو بكر (٣) : «ذهب عامة أصحابنا ، وهو قول أبي الحسن الأشعري في كتبه ، إلى أن أقلّ ما يعجز عنه من القرآن السورة قصيرة كانت أو طويلة ، أو ما (٤) كان بقدرها. قال : فإذا كانت الآية بقدر حروف سورة وإن كانت كسورة (٥) الكوثر فذلك معجز. قال : ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر.
وذهبت المعتزلة إلى أن كلّ سورة برأسها فهي معجزة. وقد حكي عنهم نحو قولنا ، إلا أن منهم من لم يشترط كون الآية بقدر السورة ، بل شرط الآيات الكبيرة (٦). وقد علمنا أنه تحدّاهم تحدّيا إلى السور كلّها ، ولم يخصّ. ولم يأتوا بشيء منها ، فعلم أن جميع ذلك معجز.
وأما قوله تعالى : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) (الطور : ٣٤) فلا يخالف هذا ؛ لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة. وهو يؤكد مذهب أصحابنا وإن كان قد يتأوّل قوله : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ) على القبيل دون التفصيل.
(فإن قيل) : هل يعرف إعجاز السّور القصار بما يعرف به إعجاز [السور] (٧) الطوال؟ وهل يعرف كل قدر من القرآن بلغ الحدّ الذي قدّرتموه على ما تعرفون به إعجاز سورة البقرة ونحوها؟ (قلنا) : إن أبا الحسن الأشعري قد أجاب عن ذلك بأن كلّ سورة قد علم كونها معجزة بعجز العرب عنها. وسمعت بعض الكبراء من أهل هذا الشأن يقول (٨) : إنّه يصح (٩) أن يكون علم ذلك توقيفا والطريقة الأولى أسدّ (١٠) ، وتظهر فائدتهما في أن الأولى تبين أن ما
__________________
(١) ساقطة من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (مسألة).
(٣) انظر إعجاز القرآن للباقلاني ص ٢٥٤ وما بعدها.
(٤) في المخطوطة (أو كان).
(٥) في المخطوطة (سورة).
(٦) في الإعجاز (الكثيرة).
(٧) ليست في المطبوعة.
(٨) في المخطوطة (يقولون).
(٩) في المخطوطة : إن ذلك يصح ...
(١٠) في المخطوطة (أشد).