به الحث على تكرار الختم ختمة بعد ختمة ؛ وليس فيه ما يدلّ على أنّ الدعاء لا يتعقب الختم.
(فائدة) روى البيهقي في «دلائل النبوة» وغيره : «أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم كان يدعو عند ختم القرآن : اللهم ارحمني بالقرآن ، واجعله لي أمانا ونورا وهدى ورحمة ، اللهم ذكّرني منه ما نسيت ، وعلّمني منه ما جهلت ، وارزقني تلاوته آناء الليل [والنهار] (١) (٢) واجعله لي حجّة (٢) يا رب العالمين». رواه في «شعب الإيمان» بأطول من ذلك ، فلينظر فيه (٣).
(مسألة) استماع القرآن والتفهّم لمعانيه من الآداب المحثوث عليها ، ويكره التحدّث بحضور القراءة قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام : «والاشتغال عن السماع بالتّحدث بما لا يكون أفضل من الاستماع سوء أدب على الشرع» (٤) ، وهو يقتضي أنّه لا بأس بالتحدث للمصلحة.
(مسألة) وأفتى الشيخ أيضا بالمنع من أن يشرب شيئا كتب من القرآن ، لأنه تلاقيه النجاسة الباطنة. وفيما قاله نظر ؛ لأنها في معدنها لا حكم لها.
وممن صرّح بالجواز من أصحابنا العماد النّيهيّ (٥) تلميذ البغويّ (٦) فيما رأيته بخط ابن الصلاح. قال : «لا يجوز ابتلاع رقعة فيها آية من القرآن ، فلو غسلها وشرب ماءها جاز». وجزم القاضي الحسين (٧) ، والرافعي (٨) بجواز أكل الأطعمة التي كتب عليها شيء من القرآن.
__________________
(١) ساقطة من المطبوعة.
(٢) في المخطوطة (واجعل لي حجته).
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٦ / ٤٢٢.
(٤) انظر كتابه الفتاوى : ٤٩ (بتحقيق عبد الرحمن بن عبد الفتاح).
(٥) هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد النيهي عماد الدين ، ولد وأقام وتوفي بمروالرّوذ ، وهو من تلامذة البغوي الفراء أبو محمد الحسين بن مسعود ، كان شيخ الشافعية إماما فاضلا مفتيا ، ورعا ديّنا حافظا لمذهب الشافعي تخرج عليه جماعة كثيرة من الفقهاء والعلماء ت ٥٤٨ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٤ / ٢٤٥).
(٦) هو أبو محمد الحسين بن مسعود محيي السنة ، تقدم التعريف به في ١ / ١٢٧.
(٧) هو الحسين بن محمد بن أحمد أبو علي القاضي المروروذي شيخ البغوي تقدم ذكره في ٢ / ٩٣.
(٨) هو الإمام الجليل عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم ، أبو القاسم الرافعي ، شيخ الشافعية ومجتهد زمانه في المذهب كان متضلعا في علوم الشريعة تفسيرا وحديثا وأصولا ، وأما الفقه فهو فيه عمدة المحققين وإسناد المصنفين ، كان رحمهالله ورعا زاهدا تقيا نقيا طاهر الذيل. ت ٦٢٣ ه (السبكي ، طبقات الشافعية ٥ / ١٢٠).