وكذلك أيضا قوله [من الوافر] :
٥٠٧ ـ من أجلك يا التي تيّمت قلبي |
|
وأنت بخيلة بالودّ عنّي |
وإذا كان تعريفها الاسم في : «يا رجل» ، من حيث هو عوض من الألف واللام لا بحق الأصل ، ثبت إذن أنّ «زيدا» من «يا زيد» وأمثاله باق على تعريفه. فأمّا قولهم : «يا ألله» ، فإنّما جمعوا بين حرف النداء والألف واللام فيه لأنّهما عوض من همزة «إله» ، كما يجوز أن يقال : «يا إله» ، فكذلك «يا ألله». والدليل على أنّهما عوض منها أنه لا يجمع بينهما ، فلا يقال : «يا الإله» ، ويبقى على ما كان عليه من المعنى ، بدليل أنّ الله تبارك وتعالى لا يقع إلّا على المعبود حقيقة وأمّا الإله فيقع على كلّ معبود بحق أو باطل ، فلما كانت الألف واللام عوضا مع كثرة استعمال الاسم ، لأنّ الداعية إلى نداء الله تعالى أكيد ، مع إجرائه مجرى العلم ، نودي كما ينادى العلم ، ولذلك لم يقل : «يا الناس» ، وإن كانت الألف واللام فيه عوضا من الهمزة ، بدليل أنّه لا يقال «الأناس» إلّا في ضرورة الشعر ، وذلك نحو قول الشاعر
__________________
٥٠٧ ـ التخريج : البيت بلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٣٠ ؛ والأشباه والنظائر ٢ / ١٧٩ ؛ والجنى الداني ص ٢٤٥ ؛ وخزانة الأدب ٢ / ٢٩٣ ؛ والدرر ٣ / ٣١ ؛ وشرح عمدة الحافظ ص ٢٩٩ ؛ وشرح المفصل ٢ / ٨ ؛ والكتاب ٢ / ١٩٧ ؛ واللامات ص ٥٣ ؛ ولسان العرب ١٥ / ٢٤٠ (لتا) ؛ والمقتضب ٤ / ٢٤١ ؛ وهمع الهوامع ١ / ١٧٤.
اللغة : تيّمته : ذلّلته لكثرة عشقه لها. الودّ : الحب.
المعنى : كلّ ما جرى كان يا من ذلّلت قلبي العاشق لك ، بالرّغم من أنّك تبخلين بالمحبّة عليّ.
الإعراب : «من أجلك» : جار ومجرور متعلقان ببيت سابق ، و «الكاف» : ضمير متصل في محل جر بالإضافة. «يا» : حرف نداء. «التي» : اسم موصول مبني على السكون ، منادى معرفة في محلّ نصب على النداء. «تيّمت» : فعل ماض مبني على السكون ، و «التاء» : ضمير متصل في محلّ رفع فاعل. «قلبي» : مفعول به منصوب بالفتحة المقدّرة على ما قبل الياء ، و «الياء» : ضمير متصل في محلّ جرّ بالإضافة. «وأنت» : «الواو» : حالية ، «أنت» : ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ. «بخيلة» : خبر مرفوع بالضمّة. «بالود» : جار ومجرور متعلّقان بالخبر. «عني» : جار ومجرور متعلّقان بالخبر.
وجملة «تيّمت قلبي» : صلة الموصول لا محل لها. وجملة «وأنت بخيلة» : في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله : «يا الّتي» حيث دخلت «يا» على «التي» ، ودخول حرف النداء على ما فيه «أل» لا يجوز عادة ، ودخولها هنا ضرورة.