باب الواو
اعلم أنّ الواو تنصب في موضعين : أحدهما أن تعطف فعلا على اسم ملفوظ به فلا يمكن ذلك ، فتنصب الفعل بإضمار «أن» ، فتكون وما بعدها بتأويل المصدر ، فتكون قد عطفت اسما على اسم ، كقوله [من الوافر] :
للبس عباءة وتقرّ عيني |
|
[أحبّ إليّ من لبس الشّفوف](١) |
بعطف «وتقر» على «اللبس» ، كأنه قال : وقرور عيني.
والموضع الآخر : أن يتعذّر العطف لمخالفة الفعل الذي بعدها للفعل الذي قبلها في المعنى ، نحو : «لا تأكل السمك وتشرب اللبن» ، إذا أردت النهي عن الجمع بينهما ولم ترد النهي عنهما على كل حال ، فلما خالف ما بعدها لما قبلها نصب الفعل بإضمار «أن» ، وكانت «أن» وما بعدها بتأويل المصدر ، ويكون المصدر معطوفا على مصدر متوهّم للفعل المتقدّم ، فكأنك قلت : لا يكن منك أكل للسمك مع شرب اللبن ، إلّا أنّ ذلك لا يكون إلّا بعد أمر ، أو نهي ، أو استفهام ، أو عرض ، أو تحضيض ، أو دعاء ، أو نفي ، أو تمنّ.
ومسائل هذا الباب تجري على ما ذكرنا في مسائل الفاء. فإن قيل : فكيف قال الشاعر [من الطويل] :
٥٤٨ ـ فما أنا للشّيء الذي ليس نافعي |
|
ويغضب منه صاحبي بقؤول |
__________________
(١) تقدم بالرقم ٢٨.
٥٤٨ ـ التخريج : البيت لكعب بن سعد الغنويّ في الأصمعيات ص ٧٦ ؛ والردّ على النحاة