ـ البيت ـ قال : وهذا حسن ، انتهى.
وقد يقال : إن (ال) في الكحل المذكور فيه للحقيقة فالذي يعود عليه الضمير مفسّر من حيث اللّفظ والمعنى وهذا مثل قولك : «الماء شرب منه زيد ، وشرب منه عمرو» فكلاهما يرجعان للماء وإن كان مشروب هذا الخاصّ غير مشروب الآخر ، انتهى.
ويمكن الانفصال عن إشكال ابن عصفور بأنّ ذلك اغتفر في (أفعل) لمّا كان بمعنى فعلين ، ولهذا جاز تعلّقه بظرفين مختلفين نحو : «زيد يوم الجمعة أحسن منه يوم الخميس» ، وبأنّ (أحسن) في المعنى إنّما هي لرجل لا للكحل على ما سيأتي من كلام سيبويه ، وشرحه.
واعلم أنّ قول ابن الحاجب : (منفيا) ، لا يخالف قول ابن مالك : «بعد نفي أو شبهه» ، لأنّ الواقع بعد شبه النفي منفيّ.
وبقي النظر في شيئين : في وجه رفع أفعل هنا الظّاهر ، وفي وجه اشتراط هذه الشروط لذلك.
أمّا رفعها الظاهر هنا فذكر له الجمهور تعليلين ، أنّ (أفعل) هنا يعاقبه الفعل فإذا أقمت الفعل مقامه أفاد ما أفاد (أفعل) من التفضيل ، وقد كان الموجب لقصوره عن الأوصاف العاملة كهؤلاء لا يوجد له فعل بمعناه كما سبق تقريره. قال الشيخ جمال الدين بن مالك وتابعوه : صحّ أن يرفع الظاهر هنا كما صحّ إعمال اسم الفاعل بمعنى المضيّ في صلة (ال). ـ يعني من أجل أن كان القياس ألّا يعمل في الماضي وحين دخلته (ال) عمل فيه ـ ، لأنّه واقع موقع الفعل ، وعليه مناقشة ، وهو أنّ (ال) تقتضي الوصل وأصله أن تكون بالجملة وتشابه المعرّفة ، وهي إنّما تدخل على المفرد فلذلك اختير وصلها بالوصف الذي له شبهان ، بالجملة والمفرد ، فهو بعدها له جانب للفعلية ، أمّا في مسألتنا فبعد تسليم أنّ الفعل يقع هنا ويؤدي معنى الوصف لا جاذب له إلّا أن يقال : الأصل في مكان المشتقّات إذا أدّى الفعل معناها وصحّ حلوله محلّها أن يكون للفعل. وقد اعترض على هذا التعليل بأنّ الفعل إذا وقع هنا لم يتساو التركيبان من حيث إنّ نفي الأحسنيّة يصدق بالمساواة.
وحاول بعض (شرّاح الحاجبيّة) الانفصال عن ذلك فقال : إذا نفي ذلك يكون المعنى نفي فضل حسن الكحل في عين رجل على عين زيد ، وهذا إنّما يحصل أيضا بنفي أن يكون حسنه كحسنه ، وهذه فيما أراه مكابرة. وحاول بعض أجناسه الانفصال بأنّ «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» محتمل لأن