مثواك ، فنعم أخو الإسلام كنت. وقال الخثعمي نحو ذلك ثم مضى بهما ، فالتفت العنزي فقال متمثِّلاً :
كفى بشفاة القبر بُعداً لهالكٍ |
|
وبالموت قطّاعاً لحبل القرائن |
فلمّا دخل عليه الخثعمي قال له : الله الله يا معاوية إنّك منقولٌ من هذه الدار الزائلة إلى الدار الآخرة الدائمة ومسؤولٌ عمّا أردت بقتلنا وفيم سفكت دماءنا ، فقال معاوية : ما تقول في عليّ ؟ قال : أقول فيه قولك ، أتتبرّأ من دين عليّ الذي كان يدين الله به ؟ فسكت ، وكره معاوية أن يجيبه ، فقام شمر بن عبد الله الخثعمي فاستوهبه. فقال : هو لك غير أنّي حابسه شهراً فحبسه ، فكان يرسل إليه بين كلّ يومين فيكلّمه ، ثم أطلقه على أن لا يدخل الكوفة ما دام له سلطانٌ. فنزل الموصل فكان يقول : لو قد مات معاوية قدمت المصر ، فمات قبل معاوية بشهر.
ثم أقبل على عبد الرحمن بن حسّان فقال له : إيه يا أخا ربيعة ما قولك في عليّ ؟ قال : دعني ولا تسألني فإنّه خيرٌ لك. قال : والله لا أدعك حتى تخبرني عنه. قال : أشهد أنّه كان من الذاكرين الله كثيراً ، ومن الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر (١) والعافين عن الناس. قال : فما قولك في عثمان ؟ قال : هو أوّل من فتح باب الظلم وأرتج أبواب الحقّ. قال : قتلت نفسك. قال بل إيّاك قتلت لا ربيعة بالوادي ـ يعني أنّه ليس ثَمّ أحدٌ من قومه فيتكلّم فيه ـ فبعث به معاوية إلى زياد وكتب إليه : أمّا بعد : فإنَّ هذا العنزي شرُّ من بعثت به فعاقبه بالعقوبة التي هو أهلها واقتله شرّ قتلة. فلمّا قدم به على زياد بعث به إلى قسّ الناطف (٢) فدفن به حيّاً.
فقتل من أصحاب حُجر معه :
شريك بن شدّاد الحضرمي ، صيفي بن فسيل الشيباني ، قبيصة بن ضبيعة
___________________________________
(١) في الأغاني [ ١٧ / ١٥٦ ] : من الآمرين بالحق والقائمين بالقسط. ( المؤلف )
(٢) موضع قرب الكوفة على شاطئ الفرات الشرقي. [ معجم البلدان : ٤ / ٣٤٩ ]. ( المؤلف )