سعداً قد أتاه أجله المحتوم الذي ( إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ) (١) ( وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا ) (٢) فأخّره الله عنه ببركة دعائه عشرين عاماً مدّة معيّنة ؟ هل تجد مثل هذا العلم عند العاديّين من البشر أمثال سعد ولبيبة ؟ وهل لكلّ ابن أُنثى طريق إلى الكشف عن تلكم المغيّبات ؟ نعم ؛ ليس على الله بمستنكر أن يطلع على غيبه أيَّ إنسان خلق جهولاً سعيداً أو شقيّاً ، ( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا ) (٣).
ـ ١٦ ـ سحابة تروي وتنبت
عن الحسن البصري ، قال : مات هرم بن حيّان ـ في خلافة عثمان ـ في يوم صائف شديد الحرّ ، فلمّا نفضوا أيديهم عن قبره جاءت سحابة تسير حتى قامت على قبره فلم تكن أطول منه ولا أقصر ، فرشّته حتى روته ثم انصرفت.
وفي لفظ قتادة : أمطر قبر هرم بن حيّان من يومه ، وأنبت العشب من يومه (٤).
نحن لا نستعظم هذه الكرامة لهرم بن حيّان في مماته ، فإنَّ بقاءه في بطن أمّه أربع سنين (٥) أعظم وأعجب ، سبحان الخالق القادر.
___________________________________
(١) يونس : ٤٩.
(٢) آل عمران : ١٤٥.
(٣) الجن : ٢٦ ـ ٢٧.
(٤) حلية الأولياء : ٢ / ١٢٢ [ رقم ١٦٨ ] ، صفة الصفوة : ٣ / ١٣٩ [ ٣ / ٢١٥ رقم ٤٨٨ ] ، الإصابة : ٣ / ٦٠١ [ رقم ٨٩٤٦ ]. ( المؤلف )
(٥) راجع تفسير روح البيان : ٤ / ٣٤٧. ( المؤلف )