ربّاً غفوراً. فقال : منذ كم فارقتكم ؟ فقلت : منذ اثنتي عشرة سنة. فقال : إنَّما انفلتّ الآن من الحساب. وروى نحوه الحافظ المحبّ الطبري في الرياض (١) ( ص ٢ / ٨٠ ).
هذا عمر الخليفة وحراجة موقفه في الحساب ، لا يستقبله ربّه بروح وريحان ، ولا يكسوه ثياباً من استبرق أخضر ، ولا انتظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يصلّي عليه ، وقد انفلت من الحساب بعد اثنتي عشرة سنة ، ولولا رحمة ربّه لهلك. وذاك ابن خراش (٢) وأمره الأمر السريع ، فانظر مآل الرجلين واحكم.
ـ ١٣ ـ أربعة آلاف تعبر الماء
عن أبي هريرة وأنس ، قالا : جهّز عمر بن الخطّاب جيشاً واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمي ، قال أنس : وكنت في غزاته فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا بنا فعفّوا آثار الماء والحرّ شديد ، فجهدنا العطش ودوابّنا وذلك يوم الجمعة ، فلمّا مالت الشمس لغروبها صلّى بنا ركعتين ، ثم مدَّ يده إلى السماء ، وما نرى في السماء شيئاً ، قال : فوالله ما حطَّ يده حتى بعث الله ريحاً وأنشأ سحاباً ، وأفرغت حتى ملأت الغُدُر والشعاب ، فشربنا وسقينا ركابنا واستقينا ، ثم أتينا عدوّنا وقد جاوزوا خليجاً في البحر إلى جزيرة ، فوقف على الخليج وقال : يا عليّ يا عظيم يا حليم يا كريم. ثم قال : أجيزوا بسم الله. قال : فأجزنا ما يبلّ الماء حوافر دوابّنا ، فلم نلبث إلّا يسيراً فأصبنا العدوّ عليه فقتلنا وأسرنا وسبينا ، ثم أتينا الخليج فقال مثل مقالته ، فأجزنا ما يبلّ الماء حوافر دوابّنا. وفي لفظ الصفوري : وكان الجيش أربعة آلاف.
فلم نلبث إلّا يسيراً حتى رُمي في جنازته. قال : فحفرنا له وغسّلناه ودفنّاه ، فأتى رجلٌ بعد فراغنا من دفنه فقال : من هذا ؟ فقلنا : هذا خير البشر ، هذا ابن
___________________________________
(١) الرياض النضرة : ٢ / ٣٦١.
(٢) لا يوجد له ذكر في معاجم التراجم. ( المؤلف )