وممّا تقدّم تعلم أنَّ حرمة حلق اللحية هي دين الله وشرعه الذي لم يُشرّع لخلقه سواه ، وأنَّ العمل على غير ذلك سفه وضلالة ، أو فسق وجهالة ، أو غفلة عن هدي سيدنا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم. انتهى.
نعم ؛ لم يكن الشبلي ولا الحافظ الذي يثني عليه بحلق لحيته في حبِّ الله ، ولا الحفّاظ الآخرون الذين أطنبوا القول حول لحية أبي بكر الصدّيق محتاجين إلى اللحية ، بل كانوا يفتقرون إلى عقل تام ، كما جاء فيما ذكره السمعاني في الأنساب (١) في الرستمي عن مطين (٢) بن أحمد ، قال : رأيت النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام فقلت له : يا نبيَّ الله أشتهي لحية كبيرة. فقال : لحيتك جيّدة وأنت محتاج إلى عقل تامّ.
ـ ٥٧ ـ عمود نور من السماء إلى قبر الحنبلي
ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب (٣) ( ٣ / ٤٦) في ترجمة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبليّ المعروف بغلام الخلّال المتوفّى سنة ( ٣٦٣ ) قال : حكى أبو العبّاس بن أبي عمرو الشرابيّ ، قال : كان لنا ذات ليلة خدمة أمسيت لأجلها ، ثم إنّي خرجت منها نوبة الناس (٤) وتوجّهت إلى داري بباب الأزج ، فرأيت عمود نور من جوف السماء إلى جوف المقبرة ، فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت خوفاً أن يغيب عنّي ، إلى أن وصلت إلى قبر أبي بكر عبد العزيز ، فإذا أنا بالعمود من جوف السماء إلى القبر ، فبقيت متحيّراً ومضيت وهو على حاله.
قال الأميني : أبو بكر الحنبلي هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم في عصره صاحب
___________________________________
(١) الأنساب : ٣ / ٦٣.
(٢) في الأنساب : مطيّار.
(٣) شذرات الذهب : ٤ / ٣٣٦ حوادث سنة ٣٦٣ هـ.
(٤) في المصدر : نومة الناس.