التأييد حتى ترى العرش ومن حوله ، ثم لا ترضى بذلك حتى تشاهد ما لا تدركه الأبصار فتصفو من كدر طبيعتك ، وترتقي على طور عقلك ، وتسمع الخطاب من الله تعالى ـ كما كان لموسى عليهالسلام ـ : ( أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ) (١).
قال الأميني : مادح نفسه يقرئك السلام ليت شعري هل كان يضيق فم الشيطان عن أن يقول : أنا الله المحيط بجهاتك الستّ ، كما لم تضق أفواه المدّعين للربوبيّة في سالف الدهر ؟ فمن أين عرف الغزالي بصرف الدعوى أنَّه هو الله ؟ ولماذا لم يحتمل بعدُ أنّه هو الشيطان ؟ وإن كان قد صدّق الرؤيا وأذعن بأنَّ الله هو الذي خاطبه فلماذا لم يدع الأساطير وقد خوطب بـ : ذر الأساطير. ولم ينسج على نول النسّاج شيخه إلّا التافهات ؟!
وليته كان يوجد في صيدليّة النسّاج كحلٌ آخر يحدُّ بصر الغزالي وبصيرته حتى لا يبوء بإثم كبير ممّا في إحيائه من رياضيّات غير مشروعة محبّذة من قبله كقصّة لصّ الحمّام وغيرها ، وحديث منعه عن لعن يزيد اللعين في باب آفات اللسان إلى أمثاله الكثير الباطل.
وما أحدَّ أثمد النسّاج الذي يترك من اكتحل به لا يرضى بعد رؤيته العرش ومن حوله ، حتى يشاهد ما لا تدركه الأبصار ، ويسمع الخطاب ـ كما سمعه موسى ( أَنَا اللَّـهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ).
وأنا إلى الغاية لا أدري أنَّ موسى عليهالسلام المشارك له في السماع هل شاركه في الرؤية ؟ ولعلَّ صاحب الهذيان يجد نفسه مربية على نبيِّ الله موسى الذي هو من أُولي العزم من الرسل ، وخوطب بقول الله العزيز : لن تراني يا موسى ! هكذا فليكن السالك المجاهد الغزّال !
___________________________________
(١) القصص : ٣٠.