بسم الله الرحمن الرحيم
« هذا ما صالح عليه الحسن بن عليّ رضياللهعنهما معاوية بن أبي سفيان ، صالحه على أن يسلّم إليه ولاية المسلمين ، على أن يعمل فيها بكتاب الله تعالى وسنَّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيرة الخلفاء الراشدين المهديّين ، وليس لمعاوية بن أبي سفيان أن يعهد إلى أحد من بعده عهداً ، بل يكون الأمر من بعده شورى بين المسلمين ، وعلى أنّ الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم وعراقهم وحجازهم ويَمَنِهم ، وعلى أنَّ أصحاب عليّ وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم حيث كانوا ، وعلى معاوية بن أبي سفيان بذلك عهد الله وميثاقه ، وأن لا يبتغي للحسن بن عليّ ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غائلة سرّاً وجهراً ، ولا يخيف أحداً منهم في أفق من الآفاق ، أشهد عليه فلان ابن فلان وكفى بالله شهيداً » (١).
فلمّا استقرَّ له الأمر ودخل الكوفة وخطب أهلها فقال : يا أهل الكوفة أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحجِّ ؟ وقد علمت أنَّكم تصلّون وتزكّون وتحجّون ، ولكنّني قاتلتكم لأتأمّر عليكم وعلى رقابكم ـ إلى أن قال : وكلُّ شرطٍ شرطته فتحت قدميَّ هاتين (٢).
وقال أبو إسحاق السبيعي : إنَّ معاوية قال في خطبته بالنخيلة : ألا إنَّ كلّ شيء أعطيته الحسن بن عليّ تحت قدميّ هاتين لا أفي به (٣). قال أبو إسحاق : وكان والله غدّاراً (٤).
وكان الرجل ألدَّ خصماء ذلك السبط المفدّى ، وقد خفر ذمّته ، واستهان بأمره واستصغره ، وهو الإمام العظيم ، وقطع رحمه ، وما راعى فيه جدّه النبيّ العظيم ،
___________________________________
(١) الصواعق لابن حجر : ص ٨١ [ ص ١٣٦ ]. ( المؤلف )
(٢) راجع ما مرّ في الجزء العاشر : ص ٣٢٦. ( المؤلف )
(٣) شرح ابن أبي الحديد : ٤ / ١٦ [ ١٦ / ٤٦ الوصية ٣١ ]. ( المؤلف )
(٤) راجع ما أسلفناه في الجزء العاشر : ص ٢٦٢. ( المؤلف )