وايم الله إنّي لأراه سيوردك ثمّ لا يُصدرك ، وما أنا بعائدٍ بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أذهبت شرفك ، وغُلبت على أمرك».
فلمّا خرج عليّ دخلت عليه نائلة ابنة الفرافصة امرأته ، فقالت : أتكلّم أو أسكت؟ فقال : تكلّمي. فقال : قد سمعت قول عليّ لك وأنّه ليس يعاودك ، وقد أطعت مروان يقودك حيث شاء ، قال : فما أصنع؟ قالت : تتّقي الله وحده لا شريك له وتتّبع سنّة صاحبيك من قبلك ، فإنّك متى أطعت مروان قتلك ، ومروان ليس له عند الناس قدر ولا هيبة ولا محبّة ، وإنّما تركك الناس لمكان مروان ، فأرسل إلى عليّ فاستصلحه فإنّ له قرابة منك وهو لا يُعصى. قال : فأرسل عثمان إلى عليّ فأبى أن يأتيه ، وقال : «قد أعلمته أنّي لست بعائد». فبلغ مروان مقالة نائلة فيه ، فجاء إلى عثمان فجلس بين يديه ، فقال : أتكلّم أو أسكت؟ فقال : تكلّم. فقال : إنّ بنت الفرافصة ، فقال عثمان : لا تذكرنّها بحرف فأسوء لك وجهك فهي والله أنصح لي منك ، فكفّ مروان (٣).
صورة أخرى من التوبة :
من طريق أبي عون ، قال : سمعت عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث يذكر مروان بن الحكم ، قال : قبّح الله مروان ، خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا ، وبكى على المنبر وبكى الناس حتى نظرت إلى لحية عثمان مخضلّة من الدموع وهو يقول : اللهمّ إنّي أتوب إليك ، اللهمّ إنّي أتوب إليك ، اللهمّ إنّي أتوب إليك ، والله لئن ردّني الحقّ إلى أن أكون عبداً قنّا لأرضينّ به ، إذا دخلت منزلي فادخلوا عليّ ، فو الله
__________________
(٣) الأنساب للبلاذري : ٥ / ٦٤ و ٦٥ [٦ / ١٧٧ و ١٧٩] ، تاريخ الطبري : ٥ / ١١١ [٤ / ٣٦٠ حوادث سنة ٣٥ ه] ، الكامل لابن الأثير : ٣ / ٦٨ [٢ / ٢٨٥ حوادث سنة ٣٥ ه] ، تاريخ ابن كثير : ٧ / ١٧٢ [٧ / ١٩٣ حوادث سنة ٣٥ ه] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ١٦٣ و ١٦٤ [٢ / ١٤٦ ـ ١٤٧ خطبة ٣٠] ، تاريخ ابن خلدون : ٢ / ٣٩٦ و ٣٩٧ [٢ / ٥٩٧ ـ ٥٩٨]. (المؤلف)