(وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ كِتاباً) مصدر لـ «أحصيناه» فإنّ الإحصاء والكتبة يتشاركان في معنى الضبط والتحصيل. أو لفعل مقدّر. أو حال بمعنى : مكتوبا في اللوح ، أو في صحف الحفظة. والمعنى : إحصاء معاصيهم ، كقوله : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ) (١). والجملة اعتراض.
وقوله : (فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً) مسبّب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات. وزيادته باعتبار أنّ كلّ عذاب يأتي بعد الوقت الأوّل فهو زائد عليه. وناهيك بـ «لن نزيدكم» ، وبدلالته على أنّ ترك الزيادة كالمحال الّذي لا يدخل تحت الصحّة ، وبمجيئها على طريقة الالتفات ، شاهدا على أنّ الغضب قد بلغ غاية البلوغ. وفي الحديث : «هذه الآية أشدّ ما في القرآن على أهل النار».
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً (٣٢) وَكَواعِبَ أَتْراباً (٣٣) وَكَأْساً دِهاقاً (٣٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً (٣٥) جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً (٣٦) رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً (٣٧) يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً (٣٨) ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً (٣٩) إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً (٤٠))
__________________
(١) المجادلة : ٦.