تُكَذِّبُونَ (٢٩) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ (٣٠) لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ (٣١) إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (٣٢) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (٣٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٤) هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٣٧) هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (٣٨) فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ (٣٩) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٤٠))
ثمّ بيّن سبحانه ما فعله بالمكذّبين الأوّلين تهديدا لمشركي مكّة ، فقال : (أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) بالعذاب في الدنيا ، كقوم نوح وعاد وثمود حين كذّبوا رسلهم (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) أي : ثمّ نحن نتبعهم نظراءهم ، ككفّار مكّة (كَذلِكَ) مثل ذلك الفعل الشنيع (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) بكلّ من أجرم. يعني : نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأوّلين ، ونسلك بهم سبيلهم ، لأنّهم كذّبوا مثل تكذيبهم.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) بآيات الله وأنبيائه ، فليس بتكرير. وكذا إن أطلق التكذيب ، لأنّ الويل الأول لعذاب الآخرة ، وهذا للإهلاك في الدنيا. مع أنّ التكرير للتوكيد حسن شائع في كلام العرب ، كما مرّ في سورة الرحمن.
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) نطفة قذرة ذليلة (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) هو الرحم (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) إلى مقدار معلوم من الوقت قدّره الله للولادة وحكم به ، وهو تسعة أشهر أو ما دونها أو ما فوقها (فَقَدَرْنا) على خلقته كيف يكون ، قصيرا أم طويلا ، ذكرا أم أنثى. أو فقدّرناه. ويدلّ عليه قراءة نافع والكسائي بالتشديد ،