مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦) وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩) وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢))ولمّا ذكر سبحانه السبيلين أتبعهما الوعد والوعيد ، فقال :
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ) بها يقادون (وَأَغْلالاً) بها يقيّدون (وَسَعِيراً) بها يحرقون. وتقديم وعيدهم وقد تأخّر ذكرهم ، لأنّ الإنذار أهمّ وأنفع ، وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين أحسن. وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر : سلاسلا ، ليكون مناسبا لـ «أغلالا».
(إِنَّ الْأَبْرارَ) جمع برّ ، كربّ وأرباب. أو بارّ ، كشاهد وأشهاد. وهو المطيع لله ، المحسن في أفعاله. وقال الحسن : هم الّذين لا يؤذون الذرّ (١) ، ولا يرضون الشرّ.
وقيل : هم الّذين يقضون الحقوق الواجبة والنافلة. (يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ) من خمر.
وهي في الأصل القدح تكون فيه. و «من» لابتداء الغاية. والمعنى : الكأس مبدأ شربهم وأوّل غايته. (كانَ مِزاجُها) ما يمزج بها (كافُوراً) ماء كافور. وهو اسم
__________________
(١) الذرّ : النمل.