(وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧))
ثمّ ذكر قسما آخر تأكيدا لوقوع البعث ، فقال : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ) ترجع في كلّ دورة إلى الموضع الّذي تتحرّك عنه. وأكثر المفسّرين على أنّ الرجع المطر ، سمّي به كما سمّي أوبا ، لأنّ الله يرجعه وقتا فوقتا ، أو لأنّ العرب يزعمون أنّ السحاب يحمل الماء من البحار ثمّ يرجعه إلى الأرض. وعلى هذا يجوز أن يراد بالسماء السحاب. أو أرادوا التفاؤل ، فسمّوه رجعا وأوبا ، ليرجع ويؤب.
(وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ) ما تتصدّع عنه الأرض من النبات. أو الشقّ بالنبات والعيون.
(إِنَّهُ) إنّ القرآن ، أو إنّ الوعد بالبعث (لَقَوْلٌ فَصْلٌ) فاصل بين الحقّ والباطل ، كما قيل له : إنّه الفرقان.
(وَما هُوَ بِالْهَزْلِ) فإنّه جدّ كلّه ، ومن حقّه أن يكون مهيبا في الصدور ، معظّما في القلوب ، يترفّع به قارئه وسامعه أن يلمّ بهزل أو يتفكّه بمزاح ، وأن يلقى ذهنه إلى أنّ جبّار السماوات يخاطبه فيأمره وينهاه ، ويعده ويوعده ، حتّى إن لم يستفزّه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية ، فأدنى أمره أن يكون جادّا غير هازل ، فقد نعى الله على المشركين ذلك في قوله : (وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (١).
(إِنَّهُمْ) يعني : أهل مكّة (يَكِيدُونَ كَيْداً) يعملون المكايد في إطفاء نوره
__________________
(١) النجم : ٦٠ ـ ٦١.