كلّما مضى حقب لحقه آخر. وإن دلّ فمن قبيل المفهوم ، فلا يعارض المنطوق الدالّ على خلود الكفّار.
وعن حمران قال : «سألت أبا جعفر عليهالسلام عن هذه الآية ، فقال : هذه في الّذين يخرجون من النار». وروي عن الأحول مثله.
ولو جعل قوله : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً * إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً) حالا من المستكن في «لابثين» ، أو نصب «أحقابا» بـ «لا يذوقون» ، احتمل أن يلبثوا فيها أحقابا غير ذائقين إلّا حميما وغسّاقا ، ثمّ يبدّلون بعد الأحقاب جنسا آخر من العذاب.
ويجوز أن يكون من : حقب عامنا ، إذا قلّ مطره وخيره. وحقب فلان إذا أخطأه الرزق ، فهو حقب ، وجمعه أحقاب. فينتصب حالا عنهم. يعني : لابثين فيها حقبين. وقوله : (لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً) تفسير له ، والاستثناء منقطع. يعني : لا يذوقون فيها بردا وروحا ينفّس عنهم حرّ النار ، ولا شرابا يسكّن من عطشهم ، ولكن يذوقون فيها حميما وغسّاقا.
وقيل : البرد النوم. والمراد بالغسّاق ما يغسق ، أي : يسيل من صديدهم.
وقيل : الزمهرير. وهو مستثنى من البرد ، إلّا أنّه أخّر ليتوافق رؤوس الآي. وقرأ حمزة والكسائي وحفص بتشديد السين.
(جَزاءً وِفاقاً) أي : جوزوا بذلك جزاء ذا وفاق لأعمالهم ، أو موافقا لها. وصف بالمصدر. أو وافقها وفاقا.
ثمّ بيّن ما وافقه هذا الجزاء ، فقال : (إِنَّهُمْ كانُوا لا يَرْجُونَ حِساباً) أي : فعلنا ذلك بهؤلاء الكفّار لأنّهم كانوا لا يخافون أن يحاسبوا. والمعنى : كانوا لا يؤمنون بالبعث ولا بأنّهم محاسبون.
(وَكَذَّبُوا بِآياتِنا) بما جاءت به الأنبياء. وقيل : بالقرآن. (كِذَّاباً) تكذيبا. وفعّال بمعنى التفعيل مطّرد شائع في كلام الفصحاء.