والرازق. ونحوه قوله : (أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا) (١). إلّا أنّه أخرج مخرج الاستفهام عن تعيين من ينصرهم ، إشعارا بأنّهم اعتقدوا هذا القسم.
و «من» مبتدأ ، و «هذا» خبره ، و «الّذي» بصلته صفته. و «ينصركم» وصف لـ «جند» محمول على لفظه.
(إِنِ الْكافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ) لا معتمد لهم.
(أَمَّنْ هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ) أم من يشار إليه ويقال : «هذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ» (إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ) بإمساك المطر وسائر الأسباب المحصّلة للرزق (بَلْ لَجُّوا) تمادوا (فِي عُتُوٍّ) عناد (وَنُفُورٍ) شراد عن الحقّ ، لتنفّر طباعهم عنه.
(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى) يقال : كببته فأكبّ. وهو من الغرائب والشواذّ. ونحوه : قشع الله السحاب فأقشع. والتحقيق أنّهما من باب : أنفض (٢) ، بمعنى : صار ذا كبّ وذا قشع. وليسا مطاوعي : كبّ ، بل المطاوع لهما : انكبّ وانقشع. ومعنى «مكبّا» : منكّسا رأسه إلى الأرض ، فهو لا يبصر الطريق ، ولا من يستقبله ، ولا ينظر أمامه ولا يمينه ولا شماله ، فيعثر كلّ ساعة ، ويخرّ على وجهه ، لو عورة طريقه ، واختلاف أجزائه انخفاضا وارتفاعا. فحاله نقيض حال من يمشي سويّا ، ولذلك قابله بقوله : (أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا) مستويا قائما ، يبصر الطريق وجميع جهاته ، فيضع قدمه سالما من العثار والخرور (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) مستوي الأجزاء والجهة.
وقيل : يراد الأعمى الّذي لا يهتدي إلى الطريق فيعتسف (٣) ، فلا يزال ينكبّ على وجهه ، وأنّه ليس كالرجل السويّ الصحيح البصر ، الماشي في الطريق ،
__________________
(١) الأنبياء : ٤٣.
(٢) أنفض القوم : فني زادهم ، وهلكت أموالهم.
(٣) اعتسف الطريق : ركبه على غير هداية. واعتسف عن الطريق : مال عنه وعدل.