الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨))
ولمّا ختم سبحانه سورة البيّنة ببيان حال المؤمنين والكافرين ، افتتح هذه السورة ببيان وقت ذلك ، فقال :
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ * إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها) إضافة الزلزال إلى الأرض لإفادة أنّ المراد زلزالها الّذي تستوجبه في حكمة الله ومشيئته ، وهو الزلزال الشديد الّذي ليس بعده. ونحوه : قولك : أكرم التقيّ إكرامه ، وأهن الفاسق إهانته.
تريد : ما يستوجبانه من الإكرام والإهانة. أو زلزالها كلّه ، وجميع ما هو ممكن منه ، بخلاف الزلازل المعهودة الّتي تختصّ ببعض الأرض. فتكون الإضافة للتنبيه على شدّتها. وذلك عند النفخة الأولى أو الثانية.
(وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) ما في جوفها من الدفائن أو الأموات. جمع ثقل ، وهو متاع البيت.
(وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها) أي : ما للأرض زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ، ولفظت ما في بطنها من الدفائن والأموات أحياء؟! فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع ، كما يقولون : (مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (١). وقيل : هذا قول الكافر ، لأنّه كان لا يؤمن بالبعث ، فأمّا المؤمن فيقول : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ) (٢).
(يَوْمَئِذٍ) منصوب بمثل : اذكر. أو بدل من «إذا» ، وناصبها قوله : (تُحَدِّثُ
__________________
(١) يس : ٥٢.
(٢) يس : ٥٢.