ثمّ عقّب سبحانه وعيد الكفّار بالوعد للمتّقين ، فقال : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ) الّذين يتّقون باجتناب الشرك والمعاصي (مَفازاً) فوزا وظفرا بالبغية. أو موضع فوز.
وقيل : نجاة ممّا فيه أولئك. أو موضع نجاة منه. ويؤيّد الأوّل تفسير المفاز بالبدليّة اشتمالا أو بعضا.
(حَدائِقَ) بساتين فيها أنواع الأشجار المثمرة (وَأَعْناباً) تخصيص بعد تعميم ، لمزيّتها على سائر الفواكه.
(وَكَواعِبَ) نساء فلكت (١) وتكعّبت ثديهنّ. وهنّ النواهد. (أَتْراباً) لدات ، أي : مستويات في السنّ والخلقة والصورة حتّى يكنّ متشاكلات. وعن الجبائي : أترابا على مقدار أزواجهنّ في الحسن والصورة والسنّ.
(وَكَأْساً دِهاقاً) مترعة مملوءة. من : أدهق الحوض إذا ملأه. وعن سعيد بن جبير معناه : متتابعة على شاربيها.
(لا يَسْمَعُونَ فِيها) في الجنّة (لَغْواً) ما لا فائدة فيه (وَلا كِذَّاباً) ولا تكذيب بعضهم لبعض. وقرأ الكسائي بالتخفيف ، أي : كذبا أو مكاذبة.
(جَزاءً مِنْ رَبِّكَ) بمقتضى وعده. مصدر مؤكّد منصوب بمعنى قوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً). كأنّه قال : جازى المتّقين بمفاز. (عَطاءً) بدل من «جزاء». وقيل : منتصب به نصب المفعول به ، أي : جزاهم عطاء (حِساباً) صفة بمعنى : كافيا. من : أحسبه الشيء إذا كفاه حتّى قال : حسبي. وقيل : على حسب أعمالهم.
(رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) بدل من «ربّك». وقد رفعه الحجازيّان وأبو عمرو على الابتداء.
(الرَّحْمنِ) صفة له ، أي : من ربّهما المنعم على خلقه مؤمنهم وكافرهم. إلّا
__________________
(١) فلك ثدي الجارية : استدار. وتكعّبت الجارية : نهد ثديها ، أي : ارتفع مكانه وانتبر وأشرف.