سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦))
ولمّا نعت الله سبحانه الجنّة وما فيها عجب من ذلك أهل الضلال ، فبيّن سبحانه أفعاله العجيبة الغريبة الدالّة على كمال القدرة ، الموجبة لفعل كلّ ما أراد من الصنائع العظيمة العجيبة ، فقال :
(أَفَلا يَنْظُرُونَ) نظر اعتبار (إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) خلقا عجيبا دالّا على كمال قدرته وحسن تدبيره ، حيث خلقها لجرّ الأثقال إلى البلاد النائية ، فجعلها عظيمة باركة للحمل ، ناهضة بالحمل ، منقادة لمن اقتادها ، ولو كان قائدها غير إنسان ، كما حكي أنّ فارة أخذت بزمام ناقة فأخذت تجرّها وهي تتبعها حتّى دخلت الجحر ، فجرّت الزمام فقرّبت فمها من جحر الفار. طوال الأعناق لتنوء بالأوقار (١) ، ترعى كلّ نابت في البراري والمفاوز ممّا لا يرعاه سائر البهائم ، وتحتمل العطش إلى عشر فصاعدا ليتأتّى لها قطع البراري والمفاوز. مع ما لها من منافع أخر ، ولذلك خصّت بالذكر لبيان الآيات المنبثّة في الحيوانات الّتي هي أشرف المركّبات وأكثرها صنعا ، ولأنّها أعجب ما عند العرب من هذا النوع.
وقيل : المراد بها السحاب على طريق التشبيه والمجاز ، لأنّ الإبل ليست من أسماء السحاب حقيقة ، كالغمام والمزن والرباب والغيم والغين وغير ذلك.
(وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) بلا عمد ، مع ما في خلقها من صنائع القدرة
__________________
(١) الأوقار جمع الوقر : الحمل الثقيل.