.................................................................................................
______________________________________________________
السلام ، من دون فرق بين ذات المحرم وغيرها. وحيث إنّ الحكم في ذات المحرم مقطوع العدم ، لقيام السيرة القطعية على الجواز ، فلا بدّ من تقييد إطلاقهما من هذه الجهة وتخصيص الحكم بغير ذات المحرم ، فيكون ظاهرهما حرمة ذلك بالنسبة إليهن. ولكن لا بدّ من رفع اليد عن هذا الظاهر أيضاً ، لما ورد صريحاً من أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والإمام عليّاً (عليه السلام) كانا يبدآن النساء بالسلام.
ففي صحيحة ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) يسلّم على النساء ويرددن عليه ، وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يسلّم على النساء ، وكان يكره أن يسلّم على الشابّة ، ويقول : أتخوّف أن يعجبني صوتها ، فيدخل عليَّ أكثر مما طلبت من الأجر» (١).
فإنّ هذه الصحيحة تدلّ على أنّ سيرة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والإمام (عليه السلام) كانت على ابتدائهن بالسلام ، خصوصاً إنّ ملاحظة قوله (عليه السلام) : «فيدخل عليَّ أكثر مما طلبت من الأجر» تكشف عن استحباب ابتدائهن بالسلام وإن ذلك مما فيه الأجر ، كما لا يخفى.
والجواب عن ذلك بأنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) أبٌ للأُمّة جمعاء ، كما يظهر من قوله تعالى (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (٢) ولذلك حرم التزوّج بهنّ بعده (صلّى الله عليه وآله وسلم) فلا تبقى في الرواية دلالة على جواز ابتداء الأجنبية بالسلام ، إنّما يتمّ في خصوص ما روي من فعله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، فيبقى فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) حجة على الجواز بل الاستحباب على ما عرفت.
وعلى هذا فيتحصل مما تقدم أنّ ابتداء المرأة بالسلام كابتداء الرجل به ، أمر مستحب ومرغوب شرعاً من دون تقييد بالمحارم أو غيرها. نعم ، في خصوص السلام على الشابّة إذا خاف الرجل أن يعجبه صوتها يلتزم بالكراهة ، لما تقدّم.
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٣١ ح ٣.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦.