بل مطلق الكفّار (١) مع عدم التلذّذ والريبة (٢) أي خوف الوقوع في الحرام ـ
______________________________________________________
النظر إلى نساء أهل البادية ، فإنّ التعليل المذكور فيها من «أنّهم إذا نهوا لا ينتهون» (١) يقتضي جواز النظر إلى ما جرت عادتهنّ على عدم ستره ، من دون فرق بين أهل البادية وغيرهم فيشمل أهل الذمة أيضاً.
(١) والحكم واضح إذا كان المستند في جواز النظر إلى نساء أهل الذمّة صحيحة عباد بن صهيب ، فإنها بتعليلها تعمّ سائر الكافرات أيضاً.
وأما إذا كان المستند معتبرة السكوني ، فقد يشكل الحكم باعتبار أنّ المذكور فيها نساء أهل الذمة خاصة ، وقد عرفت أنّ كل قيد يؤخذ في كلام الإمام (عليه السلام) ظاهر في الاحتراز ويدلُّ على عدم ثبوت الحكم للطبيعة المطلقة.
إلّا أنّه لا يخفى أن جعلها مستند الجواز في نساء أهل الذمة لا يمنع من الالتزام به في سائر الكافرات ، فإنه يمكن التفصي عما ذكر بأنّ ذكر الذمية في المعتبرة لدفع تخيّل أن لعرضهنّ حرمة كما هو الحال في أموالهنّ وأنفسهنّ وليس لوجود خصوصية فيهنّ. وحيث أن الكافرات لا حرمة لهنّ أبداً ، فيثبت جواز النظر إليهنّ بالأولوية القطعية.
وبعبارة أخرى : إنّ أهل الكتاب هم أقرب الأصناف إلى المسلمين ، فإنّ أموالهم وأنفسهم محترمة كمال المسلم ونفسه. فإذا لم تثبت حرمة لأعراضهم ، فعدم ثبوت ذلك في سائر الكفار يكون من باب الأوْلى.
(٢) بلا خلاف في ذلك ، وتدلّ عليه الآية الكريمة (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ) (٢). فإنّها تدلّ على لزوم كفّ النظر الذي هو بمعنى الانصراف عن الشيء تماماً فتدل على حرمة جميع أنواع الاستمتاع من المرأة ما عدا المملوكة والزوجة. وعليه فإذا ثبت من الخارج جواز النظر إلى بعض أعضاء المرأة ، عُلم أنّ المراد من ذلك إنما هو النظر البحت لا المشوب بنوع من الاستمتاع والتلذّذ.
ولزيادة الإيضاح نقول : إنّ النظر وغضّ البصر أمران وجوديان متضادّان
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١١٣ ح ١.
(٢) سورة النور ٢٤ : ٣٠.