.................................................................................................
______________________________________________________
الضرورة ، كما يشهد له سكنى العوائل المتعددة من الأُسرة الواحدة أو غيرها في دار واحدة ، فإنّ ذلك يستلزم عادة تكلّم النساء مع الرجال الذين ليسوا بمحرم لها من دون أن يرد في ذلك ردع صحيحة عمّار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّه سأله عن النساء كيف يسلمن إذا دخلن على القوم ، قال : «المرأة تقول : عليكم السلام ، والرجل يقول : السلام عليكم» (١).
فإنّها تدلّ بوضوح على أنّ أصل جواز سلامها على الرجال أمر مفروغ عنه ، وأنّ السؤال إنّما هو عن الكيفية. وإلّا فلو كان صوت المرأة كبدنها عورة ، أو كان إظهار صوتها أمراً محرماً ، لكان على الإمام (عليه السلام) تنبيهه على ذلك وإلفاته إلى عدم الجواز. فتقريره (عليه السلام) للسائل على أصل المشروعية ، وتصدّيه لبيان الكيفية خير دليل على عدم الحرمة.
هذا مضافاً إلى أنّ ظاهر قوله تعالى (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) (٢) أنّ المنهي عنه هو خصوص الخضوع بالقول لا مطلق التكلّم ، وإلّا لكان اللّازم توجيه النهي إليه مباشرة.
وعليه فيتحصل مما تقدّم أنّ القول بالجواز هو المتعيّن ، وذلك لقصور أدلّة الحرمة مضافاً إلى دلالة الآية الكريمة ، وصحيحة عمار ، وقيام السيرة عليه.
ثم إنّ الشهيد الأول (قدس سره) في (اللمعة) لم يتعرض لهذا الفرع في كتاب النكاح ، مع أنّه قد ذكر في كتاب الصلاة منها أنّه : لا جهر على المرأة (٣). وقد علّق عليه الشهيد الثاني (قدس سره) بأنّ الحكم مختصّ بصورة سماع من يحرم استماعه صوتها ، وإلّا فهي مخيّرة بين الجهر والإخفات (٤).
نعم ، قد تعرّض (قدس سره) في كتاب النكاح لعكس هذه المسألة ، فذكر أنّه : يحرم على المرأة أن تسمع صوته إلّا لضرورة (٥) ولم يعلّق عليه الشهيد الثاني (قدس
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٣١ ح ٤.
(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٢.
(٣) اللمعة الدمشقية ١ : ٢٦٠.
(٤) اللمعة الدمشقية ١ : ٢٦٠.
(٥) اللمعة الدمشقية ٥ : ٩٩.