.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّه ضعيف جدّاً ، وذلك لأنّ هذا التفصيل وإن ورد في رواية معتبرة ، فقد روى الكاهلي عبد الله بن يحيى الكاهلي الممدوح إنّه قال أبو عبد الله (عليه السلام) : «النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة» (١). كما روى الصدوق مرسلاً أنه (عليه السلام) قال : «أوّل نظرة لك ، والثانية عليك ولا لك ، والثالثة فيها الهلاك» (٢) ، لكنّها مرسلة فلا يمكن الاعتماد عليها.
وعلى فرض صحة الرواية سنداً فإنّ هذا التفصيل لا يمكن العمل به وذلك :
أوّلاً : إنّ الظاهر من هذه النصوص ، أنّها ليست في مقام الفرق بين النظرة الأُولى والثانية من حيث العدد ، وإنما هي بصدد الفرق بينهما من حيث إنّ الاولى اتفاقية وغير مقصودة بخلاف الثانية ، فتحرم الثانية دون الاولى ، فلا تدلّ حينئذ على جواز النظرة الأُولى حتى ولو كانت مقصودة.
ثانياً : إنّ إطلاق هذه الروايات لو سلم فلا بدّ من تقييده على كل حال ، فإنّها تدل بإطلاقها على جواز النظرة الأُولى متعمداً إلى جميع أعضاء بدن المرأة ، وهو مما لا يقول به أحد.
وحيث يدور أمر تقييدها بين التقييد بالوجه واليدين ، والتقييد بالاختيار وعدمه وكان الثاني بنظر العرف هو الأظهر تعيّن التقييد به. خصوصاً بملاحظة أنّ التفصيل بين النظرة الأُولى والثانية بلحاظ العدد ، بمعنى الالتزام بالجواز في النظرة الأُولى بما هي نظرة اولى حتى ولو كانت اختيارية وعدم الجواز في الثانية بما هي ثانية ، مما لا يقبله العقل السليم.
حيث يرد التشكيك في النظرة الاولى من حيث مدتها وفترة صدقها ، وذلك بمعنى أنّه إلى متى يجوز الاستمرار في النظرة الأُولى؟ وهل يجوز النظر لمدة خمس دقائق مستمراً في حين لا يجوز إعادة النظر ولو لأقل من دقيقة لأنّه من النظرة الثانية؟
ثم ما هي الفترة التي لا بدّ وأن تمضي لتصدق ثانياً النظرة الأُولى؟ وهل إذا نظر إلى
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٠٤ ح ٦.
(٢) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٠٤ ح ٨.