قوله (عليه السلام) : «من أحيا أرضاً فهي له» فلو أحيا تلك الخربة أحدٌ كانت ملكاً شخصيّاً له بمقتضى الإذن العامّ الصادر منهم لعامّة الأنام.
وأمّا لو لم تكن من الأنفال فهي باقية على ما كانت عليه من ملكيّة عامّة المسلمين ، ولا تكون بالإحياء ملكاً شخصيّاً لأحد.
وعليه ، فلو فرضنا أنّ الأرض المعيّنة كانت من الخراجيّة وهي تحت يد شخص يدّعي الملكيّة ، واحتملنا أنّها خربت وقد عمرها هو أو من انتقلت عنه إليه ولو في الأزمنة السالفة ، فإنّه على المختار يحكم بأنّها له بمقتضى قاعدة اليد ، لاحتمال مالكيّته واقعاً بإحيائه الأرض بعد خرابها وصيرورتها من الأنفال التي تملّك بالإحياء.
وملخّص الكلام : أنّ عموم قوله (عليه السلام) في موثّق إسحاق بن عمّار «وكلّ أرض لا ربّ لها» أو : «ما كان من الأرض بخربة» (١) غير قاصر الشمول للمقام ، فإنّ الربّ بمعنى المالك ، والمتصدّي لعمارة الأرض المعبّر عنه عرفاً بصاحب الأرض ، وهو صادق على الأرض الخربة وإن كانت خراجيّة ، فهي فعلاً ملك للإمام وإن كانت سابقاً ملكاً للمسلمين.
وهذا القول هو الأصحّ وإن كان على خلاف المشهور بين المتأخّرين كصاحب الجواهر (٢) وغيره ، حيث ذكروا أنّ هذه الأراضي حكمها حكم ما كان له مالك معيّن ، فكما لا تخرج عن ملكه بالخراب كذلك المفتوحة عَنوةً ، إلّا في قسم خاصّ لم نتكلّم فيه وهي الملكيّة التي منشؤها الإحياء ، فإنّ فيها كلاماً طويلاً عريضاً من حيث رجوعها بعد الخراب إلى الإمام (عليه السلام) وعدمه ، مذكور في كتاب إحياء الموات وخارج عن محلّ كلامنا ، وقد تعرّضنا له في أوائل
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٥٣١ / أبواب الأنفال ب ١ ح ٢٠.
(٢) الجواهر ١٦ : ١١٨.