.................................................................................................
______________________________________________________
ولم يأذن بعد ما عرفت من عدم إطلاق في دليل الصدقة يشمل المقام تصرّفٌ في ملك الغير بغير إذنه ، فالمتعيّن إذن ما عرفت.
يبقى الكلام في أنّ المالك هل هو مستقلّ في هذا التصرّف ، أو أنّه يتوقّف على مراجعة الحاكم الشرعي والاستئذان منه؟
يتبع هذا ما عليه المالك من الوجدان ولا يصل الأمر إلى البرهان ، فإنّه إن كان قد وجد من نفسه فيما بينه وبين ربّه أنّه قد أحرز رضا الإمام (عليه السلام) بالمصرف الكذائي بحيث كان قاطعاً أو مطمئنّاً به فلا إشكال ولا حاجة معه إلى المراجعة ، إذ لا مقتضي لها بعد نيل الهدف والوصول إلى المقصد.
وأمّا إذا لم يجد من نفسه هذا الإحراز ، بل انقدح في ذهنه احتمال أن يكون هذا الصرف منوطاً بإذن نائب الإمام في عصر الغيبة كما كان منوطاً بإذن نفسه في عصر الحضور ، ولم يتمكّن من دفع هذا الاحتمال الذي يستطرق لدى كلّ أحد بطبيعة الحال ، بل هو جزمي غير قابل للإنكار ، ولا أقلّ من أجل رعاية المصالح العامّة والتحفّظ على منصب الزعامة الدينيّة. كان اللّازم عندئذٍ مراجعة الحاكم الشرعي ، لعدم جواز التصرّف في مال الغير وهو الإمام (عليه السلام) ما لم يحرز رضاه المنوط بالاستئذان من الحاكم حسب الفرض.
ومنه تعرف أنّه لا حاجة إلى إثبات الولاية العامّة للحاكم الشرعي في كافّة الشؤون ، وأنّ جميع ما كان راجعاً إلى الإمام حال حضوره راجع إلى نائبه العام حال غيبته ، بل مجرّد الشكّ في جواز التصرّف بدون إذنه كافٍ في استقلال العقل بلزوم الاستئذان منه ، للزوم الاقتصار في الخروج عن حرمة التصرّف في ملك الغير على المقدار المتيقّن من إذنه ورضاه وهو مورد الاستئذان ، إذ بدونه يشكّ في الجواز ومقتضى الأصل عدمه. ومن ثمّ كانت الاستجازة مطابقة لمقتضى القاعدة حسبما عرفت.