.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا باعتبار البلد ، فلم يُعرَف وجهٌ لما ذكره الماتن من جعل العبرة ببلد وجود العين ، إذ بعد ما تقدّم من أنّه لا يجب الإخراج من عين المال الزكوي ، بل يجوز الدفع من خارج النصاب (١) ، وأنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون من ذاك البلد أو بلد آخر كما صرّح به (قدس سره) ، فمال الفقير بناءً على هذا وإن كان موجوداً في العين الخارجيّة إلّا أنّه لا يجب الإعطاء من نفسها ، بل الواجب دفع الشاة الكلّيّة ، الأعمّ من أن تكون من النصاب أو من غيره ، فله أن يدفع شاة أُخرى من بلدٍ آخر ، فإذا جاز جاز دفع قيمته بمقتضى صحيحة البرقي المتقدّمة.
وعلى الجملة : فما ذكره (قدس سره) من لزوم مراعاة قيمة بلد العين لا يجتمع مع ما تقدّم منه من جواز الإعطاء من خارج النصاب.
ومقامنا هذا أشبهُ شيءٍ بإرث الزوجة من البناء وغيره ممّا لا ينقل ، حيث إنّ المعروف أنّها ترث قيمةً لا عيناً ، بمعنى : أنّ للوارث ولاية التبديل بالقيمة ، لا أنّها ترث القيمة ابتداءً ، لوضوح أنّ الميّت لم يترك إلّا العين دون القيمة ، فالزوجة ترث من نفس العين ، إلّا أنّ للورثة ولاية التبديل بالقيمة كما عرفت ، فلا جرم تكون العبرة بقيمة يوم الأداء ، فما لم تستوف حصّتها فهي شريكة مع سائر الورثة في ماليّة العين ، بداهة أنّها لم تأخذ القيمة مجّاناً ، بل بعنوان الإرث ، فشركتها معهم شركة في الماليّة لا في العين.
فهي أشبهُ شيءٍ بالفقير وغيره من مصارف الزكاة فيما نحن فيه ، فإنّ الزكاة وإن كانت ملكاً له إلّا أنّ للمالك الذي هو الشريك الأعظم ولاية التبديل بالقيمة ، أو من مالٍ آخر من نفس الجنس.
__________________
(١) في ص ١٨٢ ، ١٨٩.