.................................................................................................
______________________________________________________
ولا يخفى أنّ هذا الكلام وجيهٌ بحسب الكبرى ، فلا يُحمَل على التقيّة إلّا مع تحقّق المعارضة بنحوٍ يبقى العرف متحيّراً. أمّا لو كان أحد الدليلين قرينةً على التصرّف في الآخر عرفاً كما لو ورد في دليلٍ آخر أنّه لا بأس بتركه فلا موجب للحمل على التقيّة ، وهذا كثيرٌ في أبواب الفقه.
وأمّا بحسب الصغرى ، فليس كذلك ، إذ لو كانت صحيحة زرارة ومحمّد بن مسلم متضمّنةً للأمر بالزكاة بمثل قوله : «زكّه» لاتّجه حينئذ رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب بقرينة الرواية الأُخرى الصريحة في الترخيص في الترك ، فيُجمَع بالحمل على الاستحباب.
ولكن الوارد فيها هكذا : «فعليها الصدقة واجبة» أي ثابتة كما لا يبعد وقد تضمّنت موثّقة أبي بصير : أنّه ليس على غلّاته زكاة ، أي ليست بثابتة.
ومن الواضح أنّ هذين الكلامين أعني قولنا : الزكاة ثابتة ، والزكاة غير ثابتة متهافتان ، بل لا يبعد أن يكون من أظهر أفراد التعارض كما لا يخفى.
وقد ذكرنا في الأُصول : أنّ المناط في المعارضة أن يُفرَض الدليلان المنفصلان متّصلين ومجتمعين في كلامٍ واحد ، فإن كانا في نظر العرف بمثابة القرينة وذيها ، فكان أحدهما مانعاً عن انعقاد الظهور في الآخر وشارحاً للمراد منه كما في مثل قولنا : زكّ ولا بأس بتركه ، أو : اغتسل للجمعة ولا بأس أن لا تغتسل لم تكن ثَمّة معارضة ، وكانت القرينيّة محفوظة في ظرف الانفصال أيضاً.
وأمّا إذا عُدّا في نظر العرف متباينين ، وكان الصدر والذيل متهافتين ، فلا جرم تستقرّ المعارضة في البين لدى الانفصال أيضاً.
ولا ريب أنّا لو جمعنا بين هذين الكلامين فقلنا : إنّ الزكاة واجبة في مال اليتيم حتى لو قلنا : إنّ «واجبة» بمعنى ثابتة كما لا يبعد وقلنا : إنّه لا زكاة في