.................................................................................................
______________________________________________________
بمقتضى الفهم العرفي ربّما يشرف الفقيه على القطع بعدم خصوصيّةٍ للمورد ، وأنّ الاعتبار في الانتقال إلى القيمة نفياً وإثباتاً بمطلق الجنس الزكوي من غير خصوصيّةٍ للحنطة والشعير وما شاكلهما ، وكان هذا هو المنقدح في ذهن السائل أيضاً ، ولذا عبّر بصيغة العموم في صحيحة البرقي حيث قال : أم لا يجوز إلّا أن يخرج من كلّ شيء ما فيه. أي يخرج من كلّ جنسٍ من الأجناس الزكويّة ما فيه عيناً دون أن ينتقل إلى القيمة.
وإن أبيتَ إلّا الجمود على ظاهر النصّ فلازمه الاقتصار على مورده من الحنطة والشعير وعدم التعدّي لا إلى الأنعام ولا إلى غيرهما من سائر الغلّات أعني : التمر والزبيب مع أنّ الأصحاب قد تعدّوا إلى سائر الغلّات قولاً واحداً.
وعلى الجملة : لا نعرف وجهاً للتفكيك بين الأنعام وبين التمر والزبيب ، فإن بُني على التعدّي فإلى الكلّ ، وإلّا فلا يتعدّى أبداً ، وليقتصر على مدلول النصّ فحسب.
وحيث إنّ الأظهر الأوّل فاللازم سريان الحكم للأنعام أيضاً حسبما عرفت.
وأمّا الثاني أعني : إخراج القيمة من جنسٍ آخر غير النقدين ـ : فالمشهور جوازه كما ذكره في المتن ، بل ادُّعي الإجماع عليه ، استناداً إلى ما رواه في قرب الإسناد عن محمّد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : عيال المسلمين ، أُعطيهم من الزكاة ، فأشتري لهم منها ثياباً وطعاماً ، وأرى أنّ ذلك خيرٌ لهم ، قال : «فقال : لا بأس» (١).
أمّا من حيث السند ، فالظاهر هو الاعتبار ، فإنّ المراد بمحمّد بن الوليد هو
__________________
(١) الوسائل ٩ : ١٦٨ / أبواب زكاة الذهب والفضّة ب ١٤ ح ٤ ، قرب الإسناد : ٤٩ / ١٥٩.