.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّها صريحةٌ في عدم اعتناء الإمام بمضمون حديث الجبّ (١) ، وإنّما هو أمرٌ معروفٌ عند العامّة ومرويٌّ من طرقهم ، ولذا أنكروا عليه (عليه السلام) حكمه ، ولم يثبت عندنا ، والمسألة التي تضمّنتها هذه الرواية محرّرة في الفقه ، وقد أفتى الأصحاب بعدم سقوط الحدّ عن الزاني ، سواء أسلم قبل صدور الحكم من الحاكم أم بعده.
إذن فالحديث المزبور ساقطٌ لا يمكن الاستناد إليه في حكمٍ من الأحكام ، بل المتّبع في كلّ موردٍ قيامُ الدليل على مضمون الجبّ وسقوط ما وجب باختيار الإسلام من نصّ كما في قضاء الصلوات أو سيرة كما في الزكوات فإن ثبت وإلّا كان التكليف باقياً لو قلنا بأنّهم مكلّفون بالفروع كالأُصول.
ثمّ إنّا لو بنينا على تماميّة الحديث ، فلا شكّ في أنّه ناظرٌ إلى الأحكام المختصّة بالإسلام ، فهي المجبوبة والمحكومة بالسقوط لو حصل مناشئوها حال الكفر ، كفوات الصلوات أو حولان الحول الحاصل قبل الإسلام ونحو ذلك ، وأمّا الأحكام المشتركة بين جميع الأديان فضلاً عمّا يعمّ المتديّن ومن لا يعتنق الدين ممّا جرت عليه سيرة العقلاء كالعقود والإيقاعات والديون والضمانات وما شاكلها فالحديث غير ناظر إلى جبّها جزماً ، فالإشكال عليه بأنّ البناء على عموم حديث الجبّ يستوجب تخصيص الأكثر في غير محلّه ، ولا ينبغي الالتفات إليه.
ثمّ لا يخفى أنّ الحديث رواه في مجمع البحرين بمتنٍ آخر ، وهو «الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها من الكفر والمعاصي والذنوب» (٢).
__________________
(١) لعلّ الوجه في عدم الاعتناء عدم انطباق مضمون الحديث على مورد السؤال لخصوصيّةٍ فيه ، لا أنّه موضوعٌ من أساسه.
(٢) مجمع البحرين ٢ : ٢١ (جبب).